خطاب

تصريح وزير الخارجية، عقب لقائه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو

عقد وزير الخارجية دومينيك راب مؤتمرا صحفيا مشتركا مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنقرة أعرب فيه عن تعازيه لمقتل جنود أتراك نتيجة لهجمات النظام الوحشية على إدلب، وإدانته لأفعال النظام في إدلب.

Foreign Secretary Dominic Raab shaking hands with Turkish Foreign Minister Mevlüt Çavuşoğlu

لقد كان من دواعي سروري أن أقوم بزيارتي الرسمية الأولى إلى تركيا كوزير للخارجية. وأشعر بامتنان كبير لمضيفي، وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو. أشكرك يا مولود على ما أبديته من كرم الضيافة.

لقد هالني، كالكثيرين غيري في جميع أنحاء العالم، سماع نبأ مقتل أكثر من 30 جندياً تركياً نتيجة لهجمات النظام الوحشية على إدلب. ومرة أخرى، أود أن أعرب عن أحرّ التعازي نيابة عن الحكومة البريطانية للحكومة التركية وللشعب التركي.

لقد ظلت تركيا على مدى عقود من الزمن حليفاً قوياً في حلف شمال الأطلسي، وأحد أكبر المساهمين فيه بالعسكريين.

ونحن نؤيد ما تبذله تركيا من جهود لإعادة إرساء وقف إطلاق النار المتفق عليه في عام 2018، ولحماية المدنيين الأبرياء الفارين من الهجوم الوحشي للنظام.

كما أننا كنا واضحين تماماً في إدانتنا لأفعال النظام في إدلب.

وإننا نشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد الكبير في العمليات العسكرية التي تنفذها روسيا والنظام السوري في شمال غرب سورية. ولقد أعربنا عن إدانتنا لهذه العمليات باعتبارها انتهاكات صارخة للقانون الدولي ولأصول الكرامة الإنسانية.

وكان أن أثارت المملكة المتحدة هذه المسألة في العديد من المحافل متعددة الأطراف. وفي 28 فبراير، دعونا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك.

وفي اليوم ذاته، أعربنا في مجلس حلف شمال الأطلسي عن دعمنا لجهود تركيا الهادفة إلى إعادة فرض وقف إطلاق النار في إدلب.

ويظل موقفنا واضحاً كما كان.

فالسلام الدائم في سورية لا يمكن أن يتحقق إلا بتسوية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

والنظام السوري نفسه هو الذي يواصل عرقلة العملية السياسية الرامية لإنهاء هذه الحرب باعتبارها المسؤولة الأولى والأكبر عن الوضع الذي نجد أنفسنا فيه، بل والثمن الذي يدفعه الشعب السوري.

وأود أن أشيد بالاستجابة التركية الكريمة للأزمة الإنسانية في سورية. فقد ساهمت تركيا على مدى سنوات عديدة في تحمل العبء الهائل المتمثل في دعم ملايين اللاجئين السوريين، وغيرهم من النازحين محلياً. وفي أحيانٍ كثيرة لا بدّ أنكم شعرتم بعدم اكتراث الآخرين بما تقومون به.

وقد لعبت تركيا أيضاً دوراً مهماً في محاولة التوصل إلى حل سياسي من خلال عملية سوتشي.

وتظل المملكة المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم لكل من المجتمعات التركية المضيفة واللاجئين السوريين. ونحن على علم بالضغوط المستمرة التي تتعرض لها كلتا الجماعتين.

وفي ظل هذه الاعتبارات، يصبح من الأهمية بمكان الحفاظ على وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. ولا بدّ من توفير قدرة للمساعدات حتى تصل إلى المحتاجين إليها. ويجب أن يكون موظفو الإغاثة قادرين على مساعدة الأكثر حاجة للمساعدة دون خشيتهم من التعرض لهجوم عليهم.

لقد لعبت المملكة المتحدة دوراً رائداً في دعم تنفيذ اتفاقية عام 6201 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بشأن الهجرة، وستواصل القيام بذاك الدور. ونحن بحاجة عاجلة لمناقشة القضايا المستجدّة على الحدود الغربية لتركيا، حيث شهدنا زيادة ملحوظة في عدد المهاجرين الذين يسعون إلى العبور إلى أوروبا.

من الضروري أن نعمل مع المجتمع الدولي حول مسألة إدلب، وفي الردّ على موجة جديدة من اللاجئين وتحركات المهاجرين، وخاصة على الحدود الغربية لتركيا.

ومرة أخرى، فإن السبب الجذري لما يجري هو الطبيعة المتهورة والوحشية للعمليات العسكرية التي ينفذها النظام السوري وروسيا على إدلب.

لقد أصبح الصراع في سورية أحد أكثر الصراعات تدميراً في تاريخ البشرية الحديث، ونريد أن تضع الحرب أوزارها في أقرب وقت ممكن. ونريد بصورة خاصة أن تنتهي المعاناة الإنسانية، علماً بأن المملكة المتحدة هي أيضاً مانح رئيسي استجابة لاحتياجات الأزمة السورية.

لقد رصدنا حتى الآن 3.1 مليار جنيه إسترليني استجابة للأزمة السورية، ووهي أكبر استجابة على الإطلاق لأزمة إنسانية واحدة بعينها. وقد بلغ حجم التزامنا بمشاريع داخل سورية منذ عام 2019 أكثر من 220 مليون جنيه. وكان من بين ما التزمنا به توفير إعانات طارئة من المواد الغذائية والمياه النظيفة والخيام والمواد الطبية والتعليم والرعاية الصحية للأمهات.

واليوم، وفي استجابة للوضع المستمر في إدلب ولمساعدة أكثر الناس حاجة، فإننا نعزز التزامنا بالدعم بمبلغ 89 مليون جنيه للمنظمات التي تقدم المساعدات الإنسانية داخل سورية، بما في ذلك المناطق المحيطة بمدينة إدلب.

إن زيارتي اليوم تعكس الأهمية التي نوليها لعلاقتنا مع تركيا. ونحن نثمّن وقوف تركيا على خط المواجهة لبعضٍ من أصعب وأخطر التحديات التي تواجهنا في المنطقة.

وتجمع بيننا أهداف مشتركة، وهي ضمان سلامة بلدينا ومواطنينا. وأعتقد بشكل خاص الخاص بأن المملكة المتحدة ترى في تركيا، بوصفها عضوا في حلف الأطلسي، وعضواً في مجموعة العشرين، وعضواً مؤسساً في مجلس أوروبا، شريكاً لا غنى عنه على الإطلاق. إننا نعمل بشكل وثيق من أجل تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة، وحماية مواطنينا وأيضا، مع خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، فإننا نعمل على تحسين الأسواق لزيادة الاستثمارات.

ويظل تعاوننا بمجال مكافحة الإرهاب قويا. فالمملكة المتحدة تقف إلى جانب تركيا في مكافحتها للإرهاب، وتدرك التهديد الخطير الذي يشكله حزب العمال الكردستاني. وفي الأسبوع الماضي قرر البرلمان حظر المملكة المتحدة لمنظمة صقور تحرير كردستان، ومنظمة قوات الدفاع الشعبي الكردستاني بوصفهما اسميْن حركييْن لحزب العمال الكردستاني المحظور.

هناك بطبيعة الحال قضايا قد لا نتفق عليها، كما هو الحال بين الأصدقاء المقربين. لكن شراكتنا الوثيقة تتيح لنا إجراء مناقشات صريحة حول قضايا معينة، مثل حقوق الإنسان وسيادة القانون، والتي تعتبر مهمة لعمل أي ديمقراطية سليمة.

ويظل هدفنا هو مواصلة العمل بشكل أوثق فيما يتعلق بالدفاع والأمن والتعاون التجاري. وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يفتح العديد من الفرص لتحقيق ذلك. ومن أولوياتنا التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع تركيا خلال عام 2020.

وأعتقد أن ذلك سيكون بمثابة مساهمة كبيرة في علاقات اقتصادية قوية بين تركيا والمملكة المتحدة، وسيساعد في تعزيز شراكتنا التجارية التي يبلغ حجمها بطبيعة الحال حوالي 18 مليار جنيه سنوياً.

وأخيراً، أقول إنني جئت إلى تركيا لإظهار تضامن المملكة المتحدة معكم، مع أبناء الشعب التركي، لأن عندما تحتاجون إلى دعمنا سنكون دائماً معكم وإلى جانبكم. ولأن صداقتنا مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى.

شكراً لك مرة أخرى، مولود، على الترحيب الحار، وأتطلع قُدُماً إلى استمرار صداقتنا.

تاريخ النشر 3 March 2020