خطاب

معالجة الاحتياجات الإنسانية المُلحة في سورية

مداخلة السفير جوناثان آلين في جلسة لمجلس الأمن بشأن الوضع الإنساني في سورية.

Distributing aid in Syria.

اسمحوا لي أن أبدأ بالقول بأنني أرى أنه من الأهمية بمكان أن نتجنب الخوض في الأمور السياسية عند مناقشتنا للمسائل الإنسانية. هذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا نفصل بين الجلسات المخصصة لمناقشة المسائل السياسية عن تلك المتعلقة بالأسلحة الكيميائية والمسائل الإنسانية والتي نعقدها شهريا بشأن سورية، وذلك كي نتمكن من التركيز على الدلائل والحقائق حين نتطرق لكيفية الحفاظ على أرواح الناس، وهي بالتأكيد المسؤولية الأكثر أهمية التي تواجه هذا المجلس. لذا لابد أن أذكر أني استمعت بأسى اليوم لأحد المندوبين الذي شن هجوما في مداخلته على الذين يوفرون المساعدات في مُختلف أنحاء سورية وعلى الذين يمولون تلك المساعدات. كما أرغب بتذكير الجميع أن أكبر الدول المانحة التي استجابت لنداءات الإغاثة لسورية هي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك المساعدات التي تصل إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد.

إذا، ماذا يخبرنا النهج المستند إلى الأدلة؟ حسناً، المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ بشأن الأثر الكارثي المُحتمل لتفشي وباء كوفيد-19 في سورية، وفق ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية. حيث توجد 48 إصابة مؤكدة في مناطق خاضعة لسيطرة السلطات السورية، بالإضافة إلى إصابات مؤكدة في الشمال الشرقي من البلاد، فضلا عن أنباء عن إصابات في الشمال الغربي. ومن المُحتمل أنه توجد إصابات أكثر من ذلك بالفعل، لكننا لا نعرف بالضبط بسبب عدم توفر القدرة على إجراء اختبارات التشخيص. وبينما تسعى الأمم المتحدة إلى توسيع جهود الوقاية والحماية من تفشي كوفيد-19 في المناطق التي تقع تحت سيطرة السلطات السورية وفي المناطق الشمالية الغربية، يجدر أن يُسمح لها بفعل ذلك أيضا في المناطق الشمالية الشرقية. إن ما يثير الكثير من القلق هو أن النقص في الإمدادات الطبية في شمال شرق البلاد قد ازداد في الوقت الذي يجب أن تكون فيه المنشآت الطبية تُسارع عاجلا إلى رفع استعداداتها لمواجهة الفيروس.

لقد أكدت هيئة الأمم المتحدة أنه بالنسبة لموضوع وصول المساعدات والمناطق التي تغطيها، فإن أوضاع عبور المساعدات عبر خطوط التماس في شمال شرق البلاد لم تتحسن منذ عام 2019، عندما كان معبر اليعربية ما زال مفتوحا. ولهذا السبب ذكر الأمين العام في أحدث تقرير له بأن “الحاجة الملحة للاستعداد لتفشي كوفيد-19 في شمال شرق البلاد قد سلطت المزيد من الضوء وبشكل صارخ على الفجوات التي نشأت إثر إلغاء السماح بالمرور عن طريق معبر اليعربية”.

لا يمكن أن يكون الأمر أوضح من ذلك. حيث توجد مشكلة واضحة في شمال شرق البلاد، وقد أخبرتنا الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ما هو الحل. علينا ألا نُقحم الأمور السياسية أثناء تعاملنا مع هذا الوباء حين يكون بمقدورنا إيصال المساعدات لإنقاذ الأرواح. ونعتقد بضرورة تجديد التفويض لمعبر اليعربية كحاجة ملحة طالما بقي وباء كوفيد-19 يهدد الأرواح في سورية.

اسمحوا لي الآن أن أتطرق إلى المناطق الشمالية الغربية. إذا كان هدفنا هو إنقاذ الأرواح، فمن الضروري جدا لهذا المجلس أن يجدد قراره رقم 2504 دون تأخير. إن أعداد الشاحنات التي عبرت في كل من شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان من هذا العام تجاوزت ضعف ما كانت عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وهذا الارتفاع في كمية المساعدات هو استجابة لزيادة الاحتياجات الإنسانية في تلك المنطقة. لذلك فإن تجديد القرار رقم 2504 يظل ضروريا، ولا يوجد حل بديل. وأود أن أشدد على أنه في حال عدم تجديد القرار 2504، يجب ألا يتصور أحد أن التمويل الإنساني الضخم الذي توفره المملكة المتحدة للمنطقة الشمالية الغربية سوف يتحول تلقائيا للتسليم عبر دمشق – خاصة وأن هناك الكثير من الشكوك الجدية حول إمكانية وصول المساعدات من دمشق لأولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها.

لقد تحدث بعض الزملاء عن العقوبات. إن السلع والمعدات الطبية المُستخدمة لأغراض إنسانية لا تخضع للعقوبات المفروضة من قبل دول الاتحاد الأوروبي، والتي هي الآن جزء من التشريعات الوطنية للمملكة المتحدة، كما يتوفر المزيد من الإعفاءات من العقوبات من أجل الجهود الإنسانية في سورية.

وختاما، الدليل مُبيّن بشكل جلي في تقرير الأمين العام. ما زالت توجد احتياجات إنسانية ملحة في مُختلف أنحاء سورية. وعلينا أن نتذكر أن حياة الملايين من البشر في خطر. ولقد غيّر وباء كوفيد-19 العالم الذي نعيش كلنا فيه، وكذلك غيّر الأوضاع على الأرض في سورية. وأنا أعتقد أن ذلك يعني أننا يجب أن نكون مستعدين لتغيير نهجنا. ينبغي علينا أن نطرح جانبا خلافاتنا السياسية ونعمل على أساس الاحتياجات الإنسانية من أجل السماح بشكل مؤقت بدخول المساعدات عبر الحدود من خلال معبر اليعربية. كما يتعين علينا بالطبع تجديد القرار رقم 2504. فليس هناك أي إجراء مسؤول آخر يمكن لأحدنا اتخاذه.

تاريخ النشر 19 May 2020