خطاب

التصدي لجائحة كوفيد-19 في سورية

مداخلة السفير جوناثان ألين، القائم بالأعمال في بعثة المملكة المتحدة في الأمم المتحدة، خلال إحاطة في مجلس الأمن بشأن سورية

Ambassador Jonathan Allen virtually addressing UNSC on Syria.

تظل المملكة المتحدة تشعر بقلق عميق حيال التأثير الكارثي المحتمل لجائحة كوفيد-19 في سورية. ولقد سمعنا اليوم عن وقوع 43 إصابة مؤكدة ومن المحتمل أن تكون هناك حالات كثيرة أخرى غير معروفة نظراً لضآلة القدرة على إجراء الفحوصات اللازمة، ناهيك عن الوضع الخطير الذي يعيشه 6.2 مليون من السوريين النازحين داخلياً. ومن بين هؤلاء يعيش ما يقرب من 940,000 في ظروف فظيعة في الشمال الغربي.

المملكة المتحدة ملتزمة بالقيام بدورها في مواجهة انتشار وتأثير فيروس كورونا في سورية وفي غيرها من البلدان التي أنظمتها الصحية ضعيفة في جميع أنحاء العالم. وقد رصدنا حتى الآن أكثر من 900 مليون دولار لجهود الاستجابة الدولية الهادفة إلى القضاء على الوباء، ويُخصّص 350 مليون دولار من هذا المبلغ للمساعدة في الحد من الإصابات الجماعية في البلدان المعرضة لخطر انتشار الوباء. سوف يُستخدم تمويلنا هذا في تركيب محطات جديدة لغسل اليدين، ومراكز الحجر والعلاج في مخيمات اللاجئين، وزيادة توفير المياه النظيفة لأولئك الذين يعيشون في مناطق الصراع المسلح. وبصفتنا ثالثَ أكبرِ جهة مانحة بشكل ثنائي للمساعدات الإنسانية للاستجابة للأزمة في سورية، حيث أنفقنا أكثر من 4 مليارات دولار منذ اندلاع الصراع، فإننا نعمل بصورة عاجلة لضمان أن برنامجنا الإنساني الهائل في جميع أنحاء سورية، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة النظام طبعاً، يحقق أعلى درجات الفعالية في التصدي للعواقب المباشرة وغير المباشرة للوباء. وإننا نرحب بالزيادة الأخيرة في إدخال المساعدات عبر الحدود إلى شمال غرب سورية، واستمرار التقيد بوقف إطلاق النار الذي اتفقت عليه روسيا وتركيا في 5 مارس. فذلك يساعد وكالات الإغاثة الإنسانية على تلبية الاحتياجات الهائلة في إدلب، وبالتالي التركيز على مواجهة خطر وباء كوفيد-19. والشواهد تدل على ضرورة استمرار تفويض الأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر الحدود بعد انتهاء فترته في شهر يوليو.

إن فيروس كورونا لا يقف عند الحدود، ولا يعرف خطوطاً أمامية. إنه يشكل تهديداً للجميع في سورية وخارجها. وعليه، فإن وقف انتشاره مسألة إنسانية وليست سياسية. وعلينا ضمان عدم إهمال أي جزء من سورية في الجهود المبذولة لوقف الفيروس والاستعداد لاحتمال انتشاره.

لهذا السبب نشعر بقلق بالغ بشأن منطقة شمال شرق سورية، حيث أن كلاً من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية سلّطا الأضواء على وجود فراغ خطير هناك. وأكدت منظمة الصحة العالمية وفاة أول شخص لإصابته بمرض كوفيد-19 في تلك المنطقة. ونعرف مما شهدناه في كل الأماكن الأخرى حول العالم أن انتشار العدوى بين أفراد المجتمع لا مفر منه. ومع ذلك، يبدو أنه لا يوجد سوى 35 سريراً في وحدات العناية المركزة في المنطقة بأكملها.

ووفقاً لما أخبرنا به مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في هذا المجلس بتاريخ 24 إبريل، فإن المساعدات الإنسانية التي اُرسِلت عن طريق البر أو الجو لم تصل إلاّ إلى 31% من المنشآت الصحية التي سبق توريد المساعدات إليها عبر حدود بلدة اليعربيّة. وهذا يعني أن 69% من المنشآت الصحية لا تتلقى الإمدادات التي تحتاجها. وعلاوة على ذلك، فإن الحاجة الملحة للتصدي للوباء لا تجد انعكاساً لها في وتيرة الموافقات الصادرة لإدخال المساعدات عبر للحدود. وكما أشار تقرير الأمين العام، فإن ردّ السلطات في دمشق على طلبات توريد اللوازم الطبية إلى شمال شرق سورية ما زال يستغرق من ثلاثة إلى أربعة أشهر.

في ظل الحاجة الملحة، لا بدّ لنا من أن نعمل معا. يجب أن نضع جانبا الاختلافات السياسية السابقة. وعلينا أن نمكّن الأمم المتحدة من استخدام جميع السبل للغرض المحدد وهو منع وقوع كارثة صحية طالما ظلّ فيروس كورونا يشكل مثل هذا التهديد.

وتفخر المملكة المتحدة بالوقوف إلى جانب العديد من الآخرين حول طاولة هذا المجلس كجزء من جهود حاسمة ومنسقة لمواجهة انتشار فيروس كورونا وعواقبه على البلدان المعرضة للخطر في جميع أنحاء العالم. وعلينا أن نعمل معاً لنقدّم الشيء ذاته من أجل سورية. ويظل لزاماً علينا أن نعطي الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني أفضل الفرص للتمكن من الاستجابة لتفشي المرض في جميع المناطق عبر جميع السبل اللازمة. إن معالجة هذا الوباء العالمي إنّما تشحذ إنسانيتنا المشتركة. وعلينا جميعا التفكير بعناية في الإجراءات والقرارات التي يمكن لنا اتخاذها.

تاريخ النشر 29 April 2020