خطاب

"يصعب نكران أن روسيا شريكة لنظام الأسد في ارتكاب جرائم حرب"

مداخلة السفير ماثيو رايكروفت، الممثل البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن الطارئة لبحث الوضع في حلب.

UK Ambassador to UN

أتوجه بالشكر لرئيسة الجلسة لدعوتها لعقد هذا الاجتماع الطارئ اليوم بناء على طلب من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا. وأضم صوتي للآخرين بتوجيه الشكر للمبعوث الخاص ستيفان دي ميستورا ولمثابرته في جهوده.

إن نظام الأسد وروسيا يحيلان حلب إلى أنقاض. وسكان حلب سوريون عاديون عانوا الكثير جدا ولفترة طالت كثيرا. وهم يواجهون الآن اعتداء وحشيا مريرا لم يسبق له مثيل. ويبدو واضحا، وبشكل متزايد، بأن ذلك الاعتداء يفوق قدرات القوات السورية وحدها.

بعد مرور خمس سنوات منذ اندلاع الصراع، ربما يعتقد الواحد منا بأن النظام قد استنفذ بربريته… وأن شهوته المقززة لسفك دماء شعبه قد أخذت مجراها ووصلت لنهايتها.

لكن كما رأينا خلال عطلة نهاية الأسبوع، انحدر النظام وروسيا إلى أعماق جديدة وأطلقا جحيما جديدا ضد حلب.

حيث باتت قنابل قادرة على تفجير ملاجئ محصّنة، وهي أنسب لاستخدامها لتدمير منشآت عسكرية، تستخدم حاليا لتدمير البيوت وملاجئ الحماية من القنابل، وتتسبب بإعاقات وإصابات وقتل العشرات، إن لم يكن المئات.

كما تُسقَط قنابل حارقة، عشوائية في أثرها، على مناطق المدنيين لكي تحترق حلب مجددا.

ولزيادة الأوضاع سوءا، يستهدف القصف الآن إمدادات المياه الحيوية لملايين الناس، ما تسبب في قطع المياه عن الذين في أشد حاجة إليها.

باختصار، يصعب نكران أن روسيا شريكة لنظام الأسد في ارتكاب جرائم حرب.

لكن قبل أربعة أيام فقط سمعنا وزير الخارجية لافروف يتحدث، هنا في هذا المجلس، عن التزام روسيا بالتوصل لحل سياسي سلمي… عن التزام روسيا بوقف العمليات القتالية.

واليوم ذلك الالتزام يشبه الحال في غالبية المناطق السورية: محطم ولا حياة فيه.

يمكن أن نشاهد المعنى الحقيقي لذلك الالتزام في الوجوه الشاحبة لضحايا حلب. في وجه أم تحتضن طفلها وقد سحقت الأنقاض جسدها. وفي وجوه فرق الخوذ البيضاء والأطباء والمسعفين، الذين جُرحوا أو قُتلوا بينما كانوا يحاولون بيأس إنقاذ حياة الآخرين. وفي وجوه كل رجل وامرأة وطفل مازالوا يعتبرون حلب موطنهم. وكما قال الأمين العام، هذه أيام حالكة بالنسبة لحماية المدنيين.

هذه الأحداث المروعة تؤكد ما نعرفه منذ وقت طويل. روسيا بحاجة لإنقاذ، وليس عرقلة، جهود العودة لوقف العمليات القتالية. روسيا بحاجة لتمكين، وليس الاعتداء على، المساعدات الإنسانية. وفي النهاية، على روسيا تهيئة، وليس تدمير، الظروف اللازمة لاستئناف المفاوضات السياسية.

إن لم تتخذ روسيا هذه الخطوات، وأكثر من ذلك، فإنها بذلك تؤكد مكانتها عضوا مارقا في المجتمع الدولي. لكن في الحقيقة، وكما اتضح بشكل مؤلم من الاعتداء المروع المفرط على قافلة المساعدات الإنسانية الأسبوع الماضي، لم يتبقّ لروسيا أي مصداقية في هذه المسائل.

ولا شك بأن روسيا ستحاول الآن تشتيت الانتباه بعيدا عن الجرائم التي ترتكبها في سورية بإلقاء اللائمة على المعارضة والحديث كثيرا عن خطر الإرهاب. لكن الجميع في هذه القاعة يتفق على أن داعش وجبهة النصرة إرهابيون لا بد من هزيمتهم. ذلك ليس هو السؤال.

إلا أن روسيا والنظام لا يقصفان إرهابيين. بل إنهما يقصفان كافة أشكال المعارضة ويقتلان المئات في كل شهر. كما يتعاونان مع ميليشيا شيعية طائفية ومع حزب الله – وهي جماعة إرهابية في عيون الكثير من أعضاء مجلس الأمن وجامعة الدول العربية – ليبليا المدنيين في سورية بإرهابهما.

علينا ألا ننسى أن الأسد، بدعم من روسيا، قتل مدنيين في سورية يفوق عددهم ضحايا داعش والنصرة مجتمعين. وبالتالي في كل مرة ندين فيها بحق إرهاب داعش والنصرة في سورية، علينا كذلك أن ندين الإرهاب المطلق الذي يلحقه نظام الأسد وروسيا بالشعب السوري بينما يواصلان قصف المدنيين السوريين ليلا نهارا.

ذلك لأن الشعب السوري لن ينسى أبدا الموت والدمار الذي ألحقه به نظام الأسد الطائفي. كما لن ينسى بأن روسيا ساعدت ودعمت هذا الدكتاتور الطائفي في شن حربه ضد شعبه. ولن ينسى أيضا بأن المجتمع الدولي، ومجلس الأمن هذا خصوصا، قد فشل في منع القصف، وفشل في منع استخدام الكلورين، وفشل في منع المجاعات.

بالتالي لنكن واضحين. إن أفعال روسيا في سورية ومن خلال هذا المجلس هي التي تسببت بذلك الفشل؛ وأفعال روسيا هي التي أطالت أمد الحرب والمعاناة. والفيتو الروسي في أربع مناسبات في السنوات الخمس الماضية هو ما حال دون وحدة مجلس الأمن وجلب العار علينا جميعا، وجلب العار على دبلوماسيتها.

وبالتالي يجب على هذه المجلس الآن أن يفعل أكثر من مجرد المطالبة أو الحث. بل علينا الآن أن نقرر ما الذي يمكننا أن نفعله لفرض وقف فوري لعمليات قصف حلب وغيرها من مناطق المدنيين في سورية. علينا أن نقرر ما الذي يمكننا عمله الآن لإنهاء الحصار وإنهاء العراقيل التي تمنع دخول المساعدات. وحين نفعل ذلك، علينا أن نتحدث بصوت عالٍ وبوضوح بأن مرتكبي هذه الجرائم والكثير غيرها سوف يُحاسبون على ما اقترفت أيديهم – بما في ذلك للاستخدام البربري الخسيس للأسلحة الكيميائية من قبل النظام ضد شعبه.

ذلك هو السبيل الوحيد لوقف المعاناة. وهو السبيل الوحيد لكي تُكفّر روسيا عن أفعالها الشنيعة في سورية.

تاريخ النشر 25 September 2016