دراسة الحالة

الانتخابات في تونس

دراسة حالة من تقرير حقوق الإنسان والديموقراطية عن عام 2014.

لقد كانت الانتفاضة الشعبية في تونس عام 2010 هي الشعلة التي أطلقت الثورات في أنحاء العالم العربي. وفي ديسمبر 2014 أصبحت أول بلد “ربيع عربي” أتم عملية الانتقال إلى الديموقراطية بإجراء أول انتخابات برلمانية لبرلمان كامل المدة منذ انطلاق الثورة، وأول انتخابات رئاسية ديموقراطية على الإطلاق. وطريقة إتمام تونس لعملية الانتقال، عبر الحوار الذي شمل الجميع والإجماع، جعلها نموذجا للديموقراطية المستدامة في المنطقة.

استطاعت تونس التغلب على عقبات كبيرة. ففي عام 2013 بلغت عملية الانتقال حافة الهاوية نتيجة الاستقطاب وحالة مطولة من الجمود السياسي أعقبت عمليتي اغتيال سياسي وارتفاع بالاعتداءات الإرهابية. لكن أنقذها الحوار الوطني بقيادة “رباعية” من مؤسسات أساسية من المجتمع المدني (جهات العمل والاتحادات والمحامين وجماعات حقوق الإنسان) الذين تواصلوا مع الأحزاب السياسية من كافة الأطياف، واتفقوا على “خارطة طريق” تضع جدولا للإجراءات المتخذة مستقبلا.

وفي يناير 2014 وافقت الحكومة المنتخبة على الاستقالة لتحل محلها إدارة من التكنوقراط إلى حين إقرار الدستور الجديد، وهو الأكثر تقدمية في المنطقة، بأغلبية كبيرة. وفي مايو تم تبني قانون انتخابي جديد، وبالتالي مهد الطريق أمام إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية عام 2014، وفق ما ينص عليه الدستور. وقد أجريت انتخابات برلمانية وجولتان من الانتخابات الرئاسية ما بين أكتوبر وديسمبر، وتجاوز عدد المقترعين في كافة الانتخابات الثلاث نسبة 60%.

وردا على تهديدات أمنية، نشرت الحكومة قوات أمن إضافية عند مراكز الاقتراع، ومرت الانتخابات بسلام. أشرف على العملية الانتخابية هيئة انتخابية مستقلة، هي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي وضعت المعايير وتلقت الشكاوي وأحالت المخالفات إلى المحاكم وفق ما رأته مناسبا. وحظيت الهيئة بالتقدير من المراقبين الدوليين على مهنيتها واستقلاليتها وحياديتها طوال العملية الانتخابية، وشهد المراقبون بأن الانتخابات كانت حرة ونزيهة وشفافة.

وقد أقر الحزب الحاكم السابق بالهزيمة للفائز بالانتخابات البرلمانية قبل إعلان النتائج رسميا، ما أتاح تسليما سلميا للسلطة. وأعقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية بعض الاحتجاجات البسيطة، لكنها هدأت بعد أن دعا المرشح الخاسر للهدوء. من بين التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة الحاجة لتبرهن أنها ممثلة لكافة التونسيين؛ وأن توثق معايير حقوق الإنسان التي كافح الشعب التونسي كثيرا لأجلها، وفي نفس الوقت مواجهة خطر التطرف؛ وأن تطبق الإصلاح الاقتصادي لمعالجة المظالم الاقتصادية التي كانت، جزئيا، الإلهام وراء انطلاق الثورة.

وقد ساندت المملكة المتحدة عملية الانتقال في تونس منذ 2011، بشكل ثنائي من خلال برنامج الشراكة العربية، ومن خلال هيئات متعددة الأطراف كالمؤسسات المالية الدولية، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة الثمانية. وفي عام 2014 ساهمت مشاريع مولتها المملكة المتحدة في تعزيز العملية الانتخابية، وساندت مراقبة تمويل الحملات الانتخابية، وساعدت في تطوير مهارات وفعالية ومساءلة أعضاء المجلس التأسيسي، وعملت مع منظمات المجتمع المدني للترويج لأهمية المشاركة الانتخابية والسياسية.

دراسة الحالة هذه جزء من تقرير حقوق الإنسان والديموقراطية عن عام 2014.

تاريخ النشر 12 March 2015