خطاب

"علينا ضمان محاسبة المسؤولين عن أي اعتداء كيميائي"

مداخلة رئيس بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفير ليال غرانت، خلال اجتماع الجمعية العامة اليوم لمناقشة موضوع الأسلحة الكيميائية في سورية.

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government

قال السفير ليال غرانت في كلمته:

أدت الإجراءات القوية المبنية على المبادئ التي اتخذها الأمين العام بعد الاعتداء في 21 أغسطس (آب)، في مواجهة مقاومة من النظام السوري، لتأمين دخول بعثة الأمم المتحدة إلى المواقع ذات الصلة. والجهود المتفانية التي بذلها السيد سلستورم وفريقه، في ظروف أمنية خطيرة، أتاحت التحقق من وقائع جريمة الحرب هذه.

هذه الحقائق تضعنا بمواجهة واقع مروع: بأن الأسلحة الكيميائية قد استخدمت لأول مرة في القرن الحالي، وعلى نطاق واسع أدى لسقوط عدد كبير من القتلى، بمن فيهم النساء والأطفال.

تماشيا مع تكليفها، لم تسعَ بعثة التحقيق الدولية لتحديد الجهة المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية. إلا أن الاستنتاجات التي توصلت إليها البعثة في تقريرها، إلى جانب شرحها شفهيا أمام مجلس الأمن يوم أمس، تضعنا أمام صورة واضحة. أود أن ألفت انتباهكم إلى خمس نقاط تحديدا:

  • استخدام الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع - نطاق لم يسبق له مثيل منذ اعتداء صدام حسين على حلبجة في 1988. والصواريخ التي فحصها فريق التحقيق - وهي تمثل نسبة صغيرة من إجمالي الصواريخ المستخدمة - تحمل كمية من السارين تبلغ 35 ضعفا لكمية السارين التي استخدمت بالاعتداء على قطار الأنفاق في طوكيو عام 1995.
  • تحليل العينات التي جمعها فريق الأمم المتحدة يشير لوجود مواد كيميائية مثبتة، ما يوحي بأنها نتيجة عملية إنتاج متطورة. وقد أكد السيد سلستورم بأن المواد الكيميائية المستخدمة جودتها أعلى مما كان بترسانة صدام حسين. هذه العينات معروف بأنها أتت من ترسانة الحكومة السورية.
  • الأسلحة المستخدمة مصممة على مستوى الإنتاج الصناعي، والفيوزات من نوعية متطورة تتيح إطلاق السارين في الجو.
  • تطور الذخيرة التي حملت مادة السارين يبين بوضوح بأن هذه الأسلحة مصنوعة بشكل محترف، وليست أسلحة مصنوعة يدويا.
  • مسار الصواريخ المستخدمة، كما ورد في التقرير، تبين بأنها انطلقت من أراضٍ تحت سيطرة الحكومة.

بمواجهة هذه الأدلة من بعثة الأمم المتحدة، من الواضح تماما بأن النظام السوري هو الطرف الوحيد الذي يمكن أن يكون مسؤولا عن استخدام الأسلحة الكيميائية في 21 أغسطس (آب). والاعتقاد بما هو خلاف ذلك بوجود كافة الأدلة المتوفرة - بما في ذلك التقرير الشامل والحاسم للأمم المتحدة، رغم تبجح ممثل الجمهورية العربية السورية - ليس هناك ذرة دليل تشير لأي اتجاه آخر.

على المجتمع الدولي الرد بحسم وفعالية على ثبوت استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. فالاعتداء الذي وقع في 21 أغسطس (آب) يمثل تحديا مباشرا لكافة أعراف التصرف الدولي. ومن الواضح أنه جريمة حرب. كما يمثل انتهاكا متعمدا وفيه ازدراء للقانون الدولي وأدى لمعاناة إنسانية لا توصف. وإننا، مثل الأمين العام، ندينه تماما.

علينا ضمان محاسبة المسؤولين عن أي استخدام للأسلحة الكيميائية في سورية، إلى جانب محاسبة المسؤولين عن ارتكاب الكثير من الانتهاكات وجرائم الحرب المروعة هناك.

وعلينا الاستعانة بكل نفوذنا، وبسلطة الأمم المتحدة، لمنع استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى في سورية أو غيرها.

لهذا السبب ترحب المملكة المتحدة بالاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وروسيا بشأن الأسلحة الكيميائية السورية في جنيف يوم 14 سبتمبر (أيلول). ولابد وأن تكون أولويتنا جميعا الآن هي أن نرى تنفيذ هذا الاتفاق سريعا لإتاحة الالتزام بالجدول الزمني الضيق للتخلص من الأسلحة الكيميائية للنظام السوري.

سوف نحتاج بداية لقرار من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. ويتعين بعد ذلك أن يتبنى مجلس الأمن قرارا يعززه ويتضمن خطوات تكفل التحقق والتنفيذ الفعال للقرار ضمن جداول زمنية معجلة. يجب أن يتضمن القرار التزامات ملزمة للنظام السوري بالتحري عن أسلحته الكيميائية ضمن إطار زمني متفق عليه، وأن يضع أسلحته فورا وبشكل يمكن التحقق منه والوثوق به تحت سيطرة دولية تمهيدا للتخلص منها.

ورغم فظاعة الاعتداءات التي وقعت في 21 أغسطس (آب)، علينا ألا ننسى السياق الأوسع لها: صراع طال أمده وكلف حتى الآن حياة أكثر من 100,000 شخص وأدى للجوء أكثر من مليوني لاجئ للدول المجاورة ونزوح ما يفوق أربعة ملايين آخرين داخليا. صراع ارتكبت خلاله جرائم حرب باستخدام أسلحة تقليدية وغير تقليدية على حد سواء. وسوف تتواصل هذه المأساة إلى حين التوصل لتسوية سياسية تعكس إرادة الشعب السوري. وبالتالي علينا تحويل ما نشعر به من غضب عارم تجاه الاعتداءات في 21 أغسطس إلى جهود مضاعفة للتوصل لهذه التسوية. والاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف في 2012 يمثل أساسا لتسوية سياسية مبنية على تشكيل حكومة انتقالية ذات سلطة تنفيذية كاملة. وعلينا جميعا استغلال نفوذنا لضمان إحراز تقدم سريع بالمسار السياسي، بما في ذلك بالدعوة لعقد اجتماع ثانٍ في جنيف بأقرب وقت ممكن.

تاريخ النشر 18 September 2013