خطاب

نحث النظام السوري على وضع مصلحة الشعب السوري قبل مصلحته بالبقاء

مداخلة سونيا فاري، منسقة الشؤون السياسية في بعثة المملكة المتحدة في الأمم المتحدة، خلال جلسة إحاطة بمجلس الأمن بشأن سورية.

Sonia Farrey, UK Political Coordinator the UN

نشكر المبعوث الخاص بيدرسون ومنسق الشؤون الإنسانية غريفيثس على إحاطتيهما، والسيدة الباروكي على مداخلتها.

لقد شهد الشهر الماضي زيادة مقلقة بأحداث العنف المميت في سورية. وبشكل خاص، نشير بكل قلق إلى الهجوم الصاروخي في 20 أكتوبر على أهالي مناطق في مدينة أريحا، في جنوب إدلب، نفذته قوات النظام، والذي يقال بأنه أفضى إلى مقتل 13 شخصا، بمن فيهم عدد من أطفال المدارس، وإصابة 30 آخرين. كما تشير المملكة المتحدة بكل قلق إلى الاعتداء بقنبلة على حافلة عسكرية في دمشق في نفس اليوم، والذي يقال بأنه أدى إلى مقتل 14 شخصا. المملكة المتحدة تدين كلا الاعتداءين.

إننا نكرر إدانتنا لأي عمل من أعمال العنف، بجميع أشكاله، أينما ارتكب، وفي أي وقت، ومن قبل أي كان، ونجدد تأكيد المطالبة بامتناع جميع الأطراف في سورية فورا عن تنفيذ أي اعتداءات على مدنيين وممتلكات مدنية، والامتناع عن أي استخدام عشوائي للأسلحة. ونحن نعرب عن تعازينا ومواساتنا لأهالي ضحايا هذه الاعتداءات وغيرها، ونتمنى للمصابين الشفاء العاجل والتام.

وعلى خلفية هذه الزيادة المستمرة في مستوى وطبيعة العنف في سورية، أعربنا في الشهر الماضي عن الأمل في إحراز تقدم كبير في العملية السياسية بموجب القرار 2354، وخصوصا في الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية في الشهر الحالي. ونحن نشكر المبعوث الخاص بيدرسون على جهوده الحثيثة لتيسير هذه المحادثات في جنيف. وبعد سنتين من المحادثات، يوجد بعض المؤشرات على إحراز تقدم محدود. لكننا نشعر بخيبة أمل بأن على الرغم من جهود المبعوث الخاص بيدرسون، لم تتوصل الأطراف إلى اتفاق بشأن الخطوات التالية، بما في ذلك صياغة دستور جديد أو الاتفاق على تاريخ لعقد الجولة التالية من المحادثات، وبذلك فإنها لم تنجح تماما. إننا نأمل في أن نرى استعدادا حقيقيا في عملية الإصلاح الدستوري قريبا.

يظل الوصول إلى حل سياسي بموجب القرار 2254 هو المسار الوحيد الواضح لإنهاء الصراع في سورية. ونظرا لعدم إحراز تقدم كبير تجاه وضع نهاية مستدامة للصراع، تعاود المملكة المتحدة تأكيد موقفها بأننا لن نقدم أي تمويل لإعادة الإعمار في سورية.

في غضون ذلك، تظل المملكة المتحدة ملتزمة بفعل كل ما في استطاعتها لتخفيف معاناة الشعب السوري. ذلك يشمل تقييد الموارد لمن يسعون إلى استمرار الصراع أو الانتفاع منه، وتقديم أي مساعدة ضمن استطاعتنا للسوريين الذين يواجهون واحدا من أصعب الأوضاع الإنسانية في العالم.

لقد رصدت المملكة المتحدة، منذ اندلاع الصراع في سورية، ما يربو على 5 مليارات دولار من المساعدات الإنسانية للسوريين. وفي سنة 2020-2021 وحدها، قدمت المملكة المتحدة أكثر من مليونيّ دولار بشكل مواد غذائية، وماء نظيف، واستشارات طبية، إلى جانب التعليم وما يفوق 200,000 لقاح. وتظل مساعدة أكثر الناس حاجة للمساعدة في سورية عن طريق كل السبل الممكنة واحدة من أولوياتنا. وقد أظهر إيصال المساعدات مؤخرا عبر خطوط التماس التحديات في تأمين إدخال المساعدات باستمرار وبشكل آمن عبر خطوط التماس إلى شمال غرب سورية، وبالتالي يظل إدخال المساعدات عبر الحدود هو أكثر السبل فعالية وأمانا لإدخال المساعدات. ونحن نرحب بوضع خطة مدتها ستة شهور بشأن تقديم المساعدات عبر خطوط التماس للبحث بتفصيل أكبر في إمكانية زيادة إيصال المساعدات عبر خطوط التماس. كما نعرب عن شكرنا للشركاء، بمن فيهم تركيا. فبدون تعاونهم لما أمكن تجربة مهام إيصال المساعدات عبر خطوط التماس.

وبالإضافة إلى تقديم مساعدات مباشرة منقذة للأرواح، تدرك المملكة المتحدة أهمية أن توفر المساعدات الإنسانية حلولا مستدامة لتلبية احتياجات الناس، وذلك من خلال تقوية صمودهم، واستعادة قدراتهم، وتحفيز التعافي من الأزمة. بمعنى آخر، هذا ما يشار إليه بأنه “التعافي المبكر”. إن جهود المملكة المتحدة في سورية، حتى الآن، بمجال التعافي المبكر شملت تقديم مساعدات نقدية للعائلات المحتاجة، ومساهمات لدعم الإنتاج الزراعي وتربية المواشي، ومساعدات بسيطة لترميم البيوت، إلى جانب غير ذلك من المساعدات. وفي شمال شرق سورية، ساعدت المملكة المتحدة أكثر من 5,500 شخص بتقديم دعم نقدي مقابل العمل، كما ساعدت ما يربو على 53,000 شخص من خلال برنامج تطوير الأعمال.

لكن يؤسفنا إلى أنه إلى حين أن يضع النظام السوري مصلحة الشعب السوري قبل مصلحته بالبقاء، ويلتزم حقا بإحراز تقدم في العملية السياسية التي صادق عليها مجلس الأمن في قراره رقم 2254، فإن هذا الدعم لن يكون كافيا. لذا نهيب بالنظام مرة أخرى بأن يتعاون بحسن نية مع الأمم المتحدة والمبعوث الخاص لتأمين مستقبل سلمي ومستقر حقا لسورية والشعب السوري.

تاريخ النشر 27 October 2021