خطاب

"الوضع في الشرق الأوسط يثير لدينا جميعا القلق العميق"

مداخلة السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، مارك ليال غرانت، في افتتاح جلسة النقاش بمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط.

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
Grant

السيد الرئيس،

إن الوضع في أنحاء منطقة الشرق الأوسط يثير لدينا جميعا القلق العميق. فقد تصاعدت أعمال العنف والأزمات الإنسانية لتحيط بملايين الأبرياء في المنطقة.

ومن المؤسف جدا سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في الأزمة الحالية في غزة. ونحث كلا الطرفين على بذل كل المستطاع لتهدئة الوضع وتجنب سقوط المزيد من الجرحى والقتلى بين الأبرياء. إن من حق إسرائيل العيش دون الشعور بخوف مستمر على أمنها، لكن من حق أهالي غزة أيضا العيش بسلام وأمان.

ونحن ندين الهجمات الصاروخية على إسرائيل واستهداف المدنيين فيها، ما يشكل انتهاكا لكافة القوانين والأعراف الإنسانية. كما نشجب رفض حماس لجهود وقف إطلاق النار حتى الآن. وعلى كل من لديه نفوذ يمارسه على حماس أن يفعل ذلك لحملها على إنهاء إطلاق الصواريخ والموافقة فورا على وقف إطلاق النار.

ونؤيد تماما حق إسرائيل باتخاذ إجراء متناسب للدفاع عن نفسها من الهجمات الصاروخية العشوائية ومحاولات التسلل إلى إسرائيل عبر الأنفاق.

لكن من الضروري حماية أهالي غزة. فقد وصل عدد الضحايا المدنيين حتى الآن 600 قتيل. والعملية العسكرية في الشجاعية يوم الأحد تسببت بتكاليف إنسانية فظيعة. يجب على إسرائيل بذل كل ما في وسعها لتجنب سقوط ضحايا بين المدنيين، وممارسة ضبط النفس ووضع نهاية لهذا الوضع.

وإننا نرحب بالجهود المصرية الرامية لتأمين التوصل لوقف إطلاق النار. ونشجع مصر على مواصلة جهودها، كما نشجع الآخرين على العمل معها عن قرب.

ونشيد أيضا بالتزام الأمين العام للأمم المتحدة بالمساعدة في تأمين التوصل لوقف إطلاق النار، بما في ذلك بزيارته للمنطقة إلى جانب جهود الأمم المتحدة الرامية لوقف إطلاق النار لإيصال المساعدات الإنسانية. كما نرحب بدعم الرئيس عباس لوقف إطلاق النار فورا.

يعاني مئات الآلاف من المدنيين المغلوبين على أمرهم معاناة شديدة نتيجة هذه الأزمة بينما أنهم لا يتحملون أي مسؤولية عن إطلاق الصواريخ.

وقد تشرد ما لا يقل عن 100,000 من أهالي غزة نتيجة الصراع. كما يعاني مئات الآلاف من نقص المياه والصرف الصحي والكهرباء.

سوف توفر المملكة المتحدة 3 ملايين دولار من المساهمات الجديدة لمساعدة الأونروا في توفير مساعدات إنسانية طارئة لما يفوق 84,000 شخص يسعون للمدارس لتكون مأوى لهم. كما سنعجّل بدفع 4 ملايين دولار لمنظمة الصليب الأحمر الدولية لتوفير رعاية صحية طارئة وإصلاح آبار المياه الأساسية وشبكات المياه التي دمرها القصف الجوي.

السيد الرئيس،

إن الوضع مألوف بشكل كئيب. فهذه ثالث عملية عسكرية كبيرة في غزة خلال ست سنوات. لابد وأن تكون الأولوية هي للتوصل لوقف إطلاق نار دائم ينهي دائرة العنف.

ولابد وأن يعالج اتفاق وقف إطلاق النار المسببات الكامنة وراء الأزمة، وأن يكفل تنفيذ كل من قرار مجلس الأمن رقم 1860 واتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين ثاني) 2012. كما يتعين تكثيف الجهود للسيطرة على الوضع الأمني وفتح اقتصاد غزة. ويجب أيضا عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة.

لن يكون أي من ذلك سهلا. لكن بدونه من المرجح أن نشهد تكرار هذه الأزمة.

السيد الرئيس،

لا يسعنا أن ننسى بأن العنف الفظيع مازال مستمرا في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط.

فوحشية النظام السوري التي لا هوادة فيها هيأت البيئة التي سمحت للتطرف العنيف أن يتمكن. وما يحدث في سورية ليس، ولم يكن يوما، له صلة بالإرهاب. بل إنه يتعلق بالمطالب المشروعة للشعب السوري ورغبته بالحصول على حقوقه الأساسية من حرية وكرامة. لكن نظام الأسد يرد على هذه المطالب بوحشية فظيعة.

وباتت سورية الآن الوجهة الأولى للجهاديين من أي مكان في العالم. والعنف بدأ ينتشر إلى خارج الحدود السورية. علينا أن نكون واضحين: الأسد ليس هو الرد على التهديد الإرهابي - بل إنه مسبب له.

وتقدُّم هؤلاء المتطرفين العنيفين في المنطقة يؤكد ضرورة دعم الجماعات السورية المعتدلة في سورية. فهذه الجماعات المعتدلة هي القوات الوحيدة التي تقاتل المتطرفين ووحشية الأسد.

السيد الرئيس،

لقد اتخذ مجلس الأمن خطوة كبيرة للمساعدة في تخفيف بعض من الأهوال التي يواجهها المواطنون السوريون. وبتبنّي قرار مجلس الأمن رقم 2165 سوف يحصل الكثير من السوريين قريبا على المواد الغذائية والإمدادات الطبية التي هم بحاجة ماسة لها. ومن الضروري أن ترسل الأمم المتحدة سريعا بعثة للمراقبة كي يتسنى البدء بدخول المساعدات عبر هذه المعابر الحدودية الإضافية. ونرحب بتأكيدات الائتلاف الوطني السوري والجيش السوري الحر بأنهم سوف يطبقون القرار 2165 للمساعدة في وصول المساعدات لمن هم بحاجة ماسة إليها.

السيد الرئيس،

إننا نعلم بأن الحل الدائم للأزمة السورية يكون عبر التوصل لحل سياسي. ونرحب بتعيين الممثل الخاص للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا ونحث كافة الأطراف على العمل الوثيق فيما بينهم تجاه عملية سياسية بقيادة سورية. ونشيد بالائتلاف الوطني السوري لانتخابه مؤخرا رئيسه الجديد، هادي البحرة. وسنواصل، إلى جانب شركائنا، تقديم الدعم العملي والفني والسياسي للائتلاف.

لن تشهد سورية سلاما مستقرا إلا عند محاسبة المسؤولين عن الأعمال الوحشية. وفي ذلك السياق، نرحب بقرار مجلس حقوق الإنسان الأخير وسنواصل العمل لضمان تحقيق العدالة للضحايا، بما في ذلك من خلال المحكمة الجنائية الدولية.

وأخيرا السيد الرئيس،

ندين تماما الأعمال الوحشية التي ارتكبها تنظيم داعش الذي توسع بسيطرته على مناطق في غرب وشمال العراق، متسببا بنزوح حوالي 650,000 شخص. ونشير بقلق بالغ للأحداث التي وقعت في الموصل خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة. حيث أن تهديدات داعش للمسيحيين خصوصا، الذين يعيشون في الموصل منذ حوالي 2,000 سنة، هي تهديدات مروعة. وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة، إن الاعتداءات المنهجية ضد المدنيين بسبب دينهم أو معتقدهم قد تعتبر جريمة ضد الإنسانية.

يشكل تنظيم داعش تهديدا كبيرا على المواطنين والأمن والاستقرار وسلامة أراضي الدولة، وكذلك على المنطقة ككل.

وأهم عامل وحيد يحدد ما إذا كان العراق سوف يتجاوز هذا التحدي هو الوحدة السياسية فيه. وبالتالي من الضروري تشكيل حكومة جديدة ممثلة للجميع بأسرع وقت ممكن.

وأشيد بجهود ممثل الأمين العام الخاص للعراق، نيكولاي ملادينوف، وأحث الساسة العراقيين على ضمان تعيين رئيس جديد ورئيس وزراء جديد بأسرع وقت ممكن.

تاريخ النشر 22 July 2014