خطاب

محاولة المخابرات العسكرية الروسية اختراق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلكترونيا

أدلى سفير المملكة المتحدة لدى هولندا بيتر ويلسون ببيان نيابة عن وزير شؤون أوروبا آلان دنكان حول محاولة المخابرات العسكرية الروسية اختراق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلكترونياً.

minister-for-europe-statement-attempted-hacking-of-the-opcw-by-russian-military-intelligence

أود أن أشكر زملائي الهولنديين وأن أدلي ببعض الملاحظات. المملكة المتحدة وهولندا شريكان أمنيان قريبان تماما من بعضهما البعض، ووجودنا هنا في لاهاي اليوم إنما هو تأكيد على ذلك.

إحباط العملية

إن الفضل في تعطيل محاولة الاعتداء على منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يعود إلى خبرة واحتراف الأجهزة الأمنية الهولندية، وشراكتها مع المملكة المتحدة. منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منظمة دولية عريقة، فهي تعمل لأجل تخليص العالم من الأسلحة الكيميائية. وأي عمل عدائي ضدها إنّما يدل على ازدراء تام بمهمتها الحيوية.

لقد تمّ إحباط هذه المحاولة في شهر إبريل. كانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حينذاك تعمل على التحقق بشكل مستقل من تحليل المملكة المتحدة للمادة الكيميائية المستخدمة في تسميم سكريبال وابنته في سالزبري. وكما نعلم، أكدت هذه المنظمة نتيجة التحليل الذي أجري في المملكة المتحدة، أي أن غاز الأعصاب نوفيتشوك استُخدم في اعتداء سالزبري - والذي بتنا نعرف الآن على وجه اليقين أنه كان من فعل ضباط يعملون مع المخابرات العسكرية الروسية.

وكان من المقرر أيضا أن تجري منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحليلا للهجوم بالأسلحة الكيميائية في دوما بتاريخ 7 إبريل. ولم تكن عملية المخابرات العسكرية الروسية تلك في لاهاي الوحيدة من نوعها. فقد كانت الوحدة المتورطة، والمعروفة في الجيش الروسي بالوحدة 26165، قد أرسلت ضباطا حول العالم لتنفيذ عمليات تتسم بالجرأة الوقحة للاختراق الإلكتروني قريبا من الهدف. وكان أحد ضباط المخابرات العسكرية الروسية، يفغيني سيريبرياكوف، الذي اقتاده زملاؤنا الهولنديون إلى خارج البلاد، قد مارس نشاطا خبيثا في ماليزيا. فقد كان الهدف من عملية المخابرات العسكرية الروسية تلك هو محاولة التقاط معلومات حول التحقيق بشأن تحطم طائرة الرحلة MH17، واستهدفت العملية مؤسسات حكومية ماليزية من بينها مكتب المدّعي العام والشرطة الملكية الماليزية.

وكما ذكر الجنرال للتو، فإننا نعلم أيضا أن ضباط المخابرات العسكرية الروسية الذين جرى اعتراضهم في لاهاي خططوا للذهاب إلى المختبر الذي كلفته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سبيز. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يسافرون فيها إلى سويسرا. حيث يتبين من المعلومات الاستخباراتية التي جُمعت من جهاز لابتوب خاص بأحد ضباط المخابرات العسكرية الروسية الذين تم وقفهم في لاهاي أن حاسوبه كان متصلاً بشبكة واي فاي التابعة لفندق ألفا بالميرز في لوزان، خلال انعقاد مؤتمر الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات الذي عُقد في سبتمبر 2016.

حضر ذاك المؤتمر مسؤولون من اللجنة الأولمبية الدولية والمركز الكندي لأخلاقيات الرياضة. وقد وجدوا أنفسهم ضحايا اعتداء إلكتروني. حيث تعرض لابتوب مسؤول من المركز الكندي لاعتداء من برنامج ضار اسمه “APT28” ربما أرسله فاعل متصل بنفس شبكة واي فاي الفندق المذكور. وبعد اختراق هذا اللابتوب، أصيبت أنظمة كمبيوتر المركز كله بصورة أوسع نطاقاً بالبرنامج الضار APT28. ولاحقا، تسبب مرسلو هذا البرنامج بإصابة عناوين بروتوكول الإنترنت للجنة الأولمبية الدولية أيضا.

برنامج APT28 وساندوورم وسالزبري

كشفت الحكومة البريطانية في وقت سابق من اليوم أن برنامج APT 28 وعددا من منفذي اعتداءات إلكترونية أخرى، الذين من المعروف تنفيذهم لاعتداءات إلكترونية على نطاق واسع في أنحاء العالم، هم في الواقع عناصر في المخابرات العسكرية الروسية.

وقد توصل المركز الوطني لأمن المعلوماتية لهذا التقييم بسبب وجود دليل تقني قاطع يربط عمليات هؤلاء الفاعلين ببنية تحتية تقنية معروفة تابعة للمخابرات العسكرية الروسية. ويفضي بهم هذا إلى التقدير بأن المخابرات العسكرية الروسية هي المسؤولة بشكل شبه مؤكد عن هجمات هؤلاء الفاعلين.

أريد هنا أن أوضح بصورة تامة: إن الضباط الذين جرى اعتراض عمليتهم في لاهاي هم جزء من وحدة المخابرات العسكرية الروسية - 26165 – نفسها المسؤولة عن برنامج APT28. والجهة الفاعلة الأخرى من منفذي هجمات إلكترونية التي تم كشف أنها من المخابرات العسكرية الروسية هي ساندوورم التي كانت نشطة في أعقاب اعتداء سالزبري. ويمكنني أن أكشف أنهم كانوا من وراء محاولات التسلل الإلكتروني التالية:

  • في شهر مارس، مباشرة بعد هجمة سالزبري، حاولت وحدة المخابرات العسكرية الروسية اختراق أنظمة الكمبيوتر في وزارة الخارجية البريطانية عن طريق التصيد الاحتيالي.

  • في إبريل، استهدفت عمليات المخابرات العسكرية الروسية حواسيب مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعية، بالإضافة إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

  • في مايو، أرسل متسللون من المخابرات العسكرية الروسية رسائل تصيد احتيالي عبر البريد الإلكتروني منتحلين اسم السلطات الفيدرالية السويسرية ومستهدفين موظفي المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية مباشرة، وبالتالي أنظمة الكمبيوتر الخاصة بالمنظمة ذاتها.

تم تنفيذ هذه الهجمات الإلكترونية عن بعد - من قبل فرق المخابرات العسكرية الروسية من مقراتها داخل روسيا.

نمط السلوك: المخابرات العسكرية الروسية

إلى جانب حلفائنا، نحن في المملكة المتحدة ملتزمون بمواجهة وفضح وعرقلة نشاط المخابرات العسكرية الروسية. ويتجلى نمط سلوكهم في العملية الطائشة التي حاولوا القيام بها ضد مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية هنا في لاهاي، والتي أحبطتها أجهزة الأمن الهولندية ببراعة. لكن تداعياتها الأوسع تنذر باحتمال تكرارها.

كما أوضحت لنا مجريات هذا اليوم، تدخلت المخابرات العسكرية الروسية في انتخابات حرة، وواصلت حملة عدائية من الهجمات الإلكترونية ضد أهداف رسمية ومدنية.

الخلاصة

المخابرات العسكرية الروسية هي مؤسسة رسمية عدوانية من مؤسسات الدولة الروسية، وممولة تمويلاً جيداً. وليس من الممكن السماح لها بالتصرف بهذه العدوانية في جميع أنحاء العالم، وضد منظمات دولية حيوية، مع الإفلات الواضح من العقاب. ينبغي أن أكرر أن هذا تهديد حقيقي ومتعدد الأوجه، وينفّذ عن بُعدٍ وبطرق مباشرة. ولا يكتفي ضباط المخابرات العسكرية الروسية بمحاولة تقويض أنظمة الكمبيوتر لدينا من ثكناتهم في موسكو. فكما أظهرنا اليوم، عملوا في شوارع هولندا لاستهداف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

لقد سافروا بأنحاء العالم تحت غطاء دبلوماسي لاستهداف التحقيق في ماليزيا بشأن سقوط طائرة الرحلة MH17، ومؤتمر الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات الذي عقد في سويسرا.

كما عملوا في مدينة بريطانية هادئة لتلويث مقبض باب بغاز أعصاب محظور.

ومن خلال لجوئها إلى حملاتها الإلكترونية العدوانية، نرى أن المخابرات العسكرية الروسية تحاول تنظيف سجل روسيا من الورطة التي وضعت نفسها فيها - سواء تمثَّل ذلك بالمنشطات التي كشفت عنها الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في الرياضة أو عنصر غاز الأعصاب الذي تعرّفت عليه المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية.

إن شراكتنا الرائدة عالميا في مجال الاستخبارات، والمهنية المتميزة لدى الهيئات الأمنية والاستخباراتية الهولندية والبريطانية والمتحالفة معها، كلها مكنتنا من إحباط عملهم وكشفهم.

وبالاستناد إلى ما عرفناه من تحقيق سالزبري - وما نعرفه عن هذه المؤسسة على نطاق أوسع - فإننا نعكف الآن على تصعيد جهودنا الجماعية ضد النشاط الخبيث، وتحديدا ضد المخابرات العسكرية الروسية.

سنزيد فهمنا لما تقوم به، وما تحاول أن تقوم به، المخابرات العسكرية الروسية في بلادنا. وسنسلط الضوء على أنشطتها. وسنكشف طرقها ونطلع حلفاءنا عليها. ويشمل ذلك تقوية المنظمات الدولية والعمل على حماية الأهداف المحتملة الأخرى من التعرض لمزيد من الأذى.

ومن خلال مؤسساتنا، بما فيها الاتحاد الأوروبي، سنعمل مع الحلفاء لتحديث أنظمة العقوبات لردع استخدام الأسلحة الكيميائية والردّ على استخدامها، وسنكافح النشاط العدائي في الفضاء الإلكتروني، وسنعاقب على انتهاك حقوق الإنسان.

المخابرات العسكرية الروسية تنجح فقط في غياب المراقبة واليقظة. ونتفق جميعا على أننا حيثما نرى نشاطها الخبيث، يجب أن نفضحه معا. ولسوف نفعل ذلك.

تاريخ النشر 4 October 2018