خطاب

الشرق الأوسط: الوضع في غزة وسورية والعراق

كلمة المندوب البريطاني الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير مارك ليال غرانت، في جلسة النقاش المفتوح حول الشرق الأوسط في مجلس الأمن الدولي.

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
Sir Mark Lyall Grant

إن القلق تجاه الوضع في الشرق الأوسط كان من المواضيع المتكررة في الكلمات التي استمعنا إليها بالمناقشة رفيعة المستوى في الجمعية العامة الشهر الماضي. حيث مازال العنف والصراع في المنطقة يشكلان مصدر تحديات كبيرة أمام المجتمع الدولي - تحديات يتحمل مجلس الأمن مسؤولية معالجتها.

الصراع في غزة خلال الصيف هو بمثابة تذكار كئيب للأثر المدمر للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على حياة المواطنين العاديين. وعلى المجتمع الدولي أن يتصرف عاجلا لمساعدة أهالي غزة للوقوف على أرجلهم وبدء العملية الصعبة لإعادة الإعمار. ونحن نرحب بالتعهد بتقديم 5.4 مليار دولار لإعادة إعمار غزة، ونشيد بجهود مصر والنرويج لحشد الدعم الدولي لجهود إعادة الإعمار.

ولا بد وأن يكون للوضع الإنساني في غزة أولوية فورية. وعلى جميع الأطراف التحرك سريعا لتعجيل جهود إعادة الإعمار، وتطبيق آلية الأمم المتحدة التي تم الاتفاق عليها مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل للسماح باستيراد مواد البناء. وهناك حاجة لإحراز تقدم عاجل أيضا في توفير الكهرباء والماء النظيف والصرف الصحي.

يؤكد هذا الصراع الثالث في غزة في غضون ست سنوات بأن العودة للوضع الراهن غير مقبولة. فلماذا يتعين على المجتمع الدولي إنفاق مليارات الدولارات لإعادة إعمار غزة في غياب ضمان بعدم تدميرها مجددا في غضون بضع سنوات؟ وبالتالي لا بد من إحراز تقدم عاجل تجاه وقف دائم لإطلاق النار ينهي دورة العنف هذه ويعالج المخاوف الأمنية المشروعة لدى إسرائيل. ووقف إطلاق النار لا بد وأن يعززه آلية شاملة للرصد والتحقق توفر ضمانات لكلا الجانبين. ومن الضروري عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة واستئناف حوكمة فعالة تخضع للمساءلة قادرة على توفير الخدمات والأمن للمواطنين.

ومازال لدينا مخاوف جادة بشأن تدهور الأوضاع على الأرض في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ونشجب تماما قرارات إسرائيل الأخيرة بالمضي بخططها بشأن المستوطنات في غفعات هاماتوس وخطط مصادرة أراضي قرب بيت لحم. ويقلقنا جدا قرار إسرائيل الوشيك بالمضي قدما باقتراحات نقل البدو من المنطقة الحساسة المحيطة بالموقع إي 1 (E1). نحث الحكومة الإسرائيلية على تغيير مسارها الآن وإلغاء هذه الخطط.

كما تقلقنا التوترات بمجمع الحرم الشريف في القدس التي شهدتها الأسابيع الأخيرة، ونحث السلطات الإسرائيلية والأردنية على التعاون لأجل استقرار الوضع.

إننا واضحون بأن أفضل سبيل للعائلات الإسرائيلية والفلسطينية لأن تعيش دون خوف من أي أعمال عنف أخرى هو الاتفاق دون تأخير على حل شامل عبر التفاوض.

وسوف تواصل المملكة المتحدة العمل عن قرب مع الشركاء الدوليين دعما لجهود التوصل لحل عبر التفاوض يحقق قيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل. ونحث كافة الأطراف على اتخاذ الخيارات الصعبة اللازمة لإحراز تقدم حقيقي.

وفي سورية مازلنا مستمرين بمشاهدة العنف الفظيع الدائرهناك.

فبينما أن تحالفا دوليا يحاول إنقاذ كوباني من الوقوع بأيدي داعش، يواصل نظام الأسد سياسته المبنية على القتل من خلال الاعتداءات وعمليات القصف الجوي العشوائية ضد المدنيين في سورية، بما في ذلك في ضواحي حلب ودمشق.

لا شك بأن الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل للأزمة في سورية. بل لا بد من وجود حكومة في دمشق تحظى بالشرعية بعيون الشعب السوري والمصداقية لدى المجتمع الدولي، ويمكنها اتخاذ إجراء فعال ضد التطرف. فلن يحل السلام في سورية طالما بقي الأسد بالسلطة. ونحن نساند بقوة جهود الممثل الخاص للأمم المتحدة ونحث كافة الأطراف للعمل تجاه عملية انتقال سياسية بقيادة سورية.

وفي العراق مازال الوضع الأمني خطيرا للغاية، حيث يواصل مقاتلو داعش سيطرتهم على مساحات كبيرة من الأراضي، وتقدموا تجاه محافظة الأنبار في الأيام الماضية، واستولوا على مدينة هيت واعتدوا على عاصمة المحافظة، الرمادي. وتحرير هذه الأراضي من داعش سوف يستغرق شهورا وسنوات، وليس أياما وأسابيع. والآثار الفظيعة التي سوف يخلفها تنظيم داعش - على الحوكمة والأمن وعلى المجتمع العراقي - سوف يشعرها الناس لفترة أطول من ذلك.

إننا نرحب بالخطوات التي اتخذها رئيس الوزراء العبادي لتشكيل حكومة مصالحة وطنية. ولحماية سلامة أراضي العراق لا بد لهذه الحكومة من الالتزام بمزيد من الشمولية، ولامركزية السلطة وتحويل المسؤوليات للمجتمعات المحلية في العراق، ومشاركة ثروات الموارد الطبيعية بمساواة أكبر.

ومن الضروري الآن أن تتوفر لدى كافة الأطراف في العراق الشجاعة لبناء الجسور فيما بينهم، وخصوصا التقرب من أتباع الطائفة السنية الذين يعيشون تحت نظام داعش الوحشي، بل في بعض الأحيان الرضوخ له، والذين لا بد من إعادتهم للانخراط بالعملية السياسية كي يصبح بالإمكان هزيمة داعش تماما.

تاريخ النشر 21 October 2014