خطاب

شرح مجريات التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي لإجراء تحقيق في سورية

كلمة السفيرة كارين بيرس بعد تصويت مجلس الأمن على قرار بشأن إجراء تحقيق مستقل بالاعتداءات بالأسلحة الكيمائية في سورية

Ambassador Karen Pierce speaking at the UN

إنه ليوم حزين لمجلس الأمن. وهو يوم حزين لقضية الأعراف والمعايير العالمية، ويوم حزين لنظام منع انتشار الأسلحة. ولكن فوق كل ذلك، إنه يوم حزين لأهالي دوما الذين هم الآن بدون الحماية التي تم إنشاء النظام الدولي لتوفيرها لهم. هذه هي المرة الرابعة في غضون ستة أيام التي يناقش فيها المجلس الأسلحة الكيمائية. بالأمس، دعا أربعة عشر عضوا في مجلس الأمن لإجراء تحقيق. وطالب عدة أعضاء من الأعضاء الخمسة دائمي العضوية أن يضطلعوا بمسؤولياتهم لضمان تطبيق الحظر العالمي على أسلحة الدمار الشامل. وكأحد الأعضاء الخمسة الدائمين، فإن المملكة المتحدة مستعدة الآن لفعل ذلك، وكانت مستعدة في السابق وقد انضم إليها كل من فرنسا والولايات المتحدة. وعلى الجهة المقابلة، فإن روسيا، ومن خلال استخدام الفيتو، قد تخطت حدود النظام الدولي. بل والأسوأ من ذلك، إن جاز لنا القول، فإن التاريخ يعيد نفسه بعد مرور عام على الاعتداء على خان شيخون.

لقد أسهمت روسيا في تأسيس آلية التحقيق الأولى التي حمّلت النظام السوري وقتها مسؤولية الاعتداء على خان شيخون، والتي خلصت إلى نتيجة مفادها أن غاز السارين الذي لا يمكن تطويره إلا عن طريق أجهزة الدولة قد تم استخدامه هناك. ولكن في الخريف الماضي استخدمت روسيا الفيتو ضد تجديد هذه الآلية، ليس فقط في مناسبة واحدة بل في ثلاث مناسبات. والسبب واضح. ذلك لأن روسيا تفضل أن تتجاوز حدود استخدام أسلحة الدمار الشامل على أن تجازف بأن تُفرض عقوبات على حليفتها سورية. وعوضا عن ذلك، يُطلب منا أن نصدق أن الرواية الروسية بشأن هذا الاعتداء الأخير يجب أن تكون هي الرواية التي يصدقها مجلس الأمن.

روسيا ليست مخولة من قبل مجلس الأمن بإجراء تحقيق في سورية. تقول روسيا إنه لم يكن هناك آثار لهجوم بالأسلحة الكيميائية. من الذي لم يجد آثارا؟ أكرر بأن روسيا ليست مخولة بإجراء تحقيق نيابة عن مجلس الأمن. نحن بحاجة لآلية تحقيق مستقلة لهذا الغرض، وفقط ذلك النوع من الآلية يمكنه أن يحظى بثقة مجلس الأمن، وثقة أعضاء الأمم المتحدة، وثقة الشعب السوري.

ومن المحزن أن التقارير بشأن الاعتداءات بالأسلحة الكيميائية في سورية قد تواصلت منذ أول فيتو روسي في نوفمبر/تشرين الثاني. وقد أصبح واضحا جدا أن روسيا ستفعل كل ما في وسعها لحماية سورية، بغض النظر عن قوة البراهين على الجرائم المرتكبة، ولمنع إجراء أي تحقيق آخر ومناقشة هذه الجرائم. ويأتي ذلك على حساب التزامات روسيا نفسها ومصداقيتها كعضو دائم في هذا المجلس، وكدولة عضو في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وأيضا كداعم مُعلن ومفترض للسلام في سورية.

لم يتمكن مجلس الأمن من أن يتصرف بمفرده لأن روسيا قد أساءت استخدام حق الفيتو لحماية سورية من الرقابة الدولية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري. وحتى اليوم، هناك تحقيقات أجرتها مصادر عامة قد أظهرت وجود أسطوانة غاز الكلورين - وهو نفس النوع الذي وجدت آلية التحقيق المشتركة التابعة للأمم المتحدة أن النظام السوري يستخدمه - على سطح أحد المنازل في دوما الذي كان ممتلئا بجثث القتلى الذين بدا من الواضح أنهم قضوا بسبب مشاكل بالتنفس. وأنا أشك صراحة أن روسيا قد تمكنت خلال 48 ساعة من التحقق من صحة كل التقارير المماثلة، وأنها استطاعت أن تستنتج أن كافة تلك التقارير ملفقة. إنها ليست ملفقة، بل تحتاج لأن تُدرس وأن يتم التحقيق فيها من قبل آلية مستقلة مناسبة كتلك التي كان هذا المجلس مستعدا اليوم لإقرارها.

إن مصداقية روسيا كعضو في المجلس هي الآن موضع شك. ولن نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى روسيا ماضية في تقويض الأعراف العالمية والتي لطالما ضمنت أمننا، بما في ذلك أمن روسيا، لعقود طوال. وكعضو دائم في مجلس الأمن سوف تدافع بريطانيا عن السلام والأمن الدوليين. هذا واجبنا الأخلاقي. ومن المخجل أن روسيا قد حجبت مجددا قرارا لمجلس الأمن. لقد ذكر السفير الروسي أن الأمر ليس مسألة تعداد المرات التي استخدمت فيها روسيا الفيتو. لكني أخالفه الرأي. وسأقتبس مقولة لينين “إن الكمية لها نوعية خاصة بها تماما”. إن أفعال روسيا اليوم هي خطوة ضد أحكام وسلطة مجلس الأمن والأمم المتحدة بصفة أعم، وهي خطوة ضد السلام والأمن العالميين وحظر انتشار الأسلحة، بل وهي خطوة ضد الإنسانية.

تاريخ النشر 10 April 2018