خطاب

معالجة مسألة الانتقال السياسي بقيادة السوريين والأزمة الإنسانية في سورية

مداخلة السفير جيمس روسكو، القائم بأعمال نائب المندوب الدائم للمملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، في إحاطة مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية، والتي تناول فيها الأوضاع الإنسانية، وضرورة إجراء انتخابات، وعودة اللاجئين، وأوضاع حقوق الإنسان.

Syria crisis - UK Aid response (FCDO)

الشكر الجزيل لكِ، السيدة الرئيسة، والشكر موصولٌ لنائب المبعوث الخاص السيد مطر، ولنائب منسق الطوارئ راجاسنغهام، على إحاطاتيهما وجهودهما المتواصلة دون كلل، للتوصل إلى تسوية للصراع ومساعدة السوريين المحتاجين للمساعدة.

للأسف، فإن عملية تحقيق السلام والأحوال في جميع أنحاء البلاد تظل، كما سمعنا اليوم، مضطربة. وعليه، فإننا نرحب بنبأ الخطط الرسمية للجولتين الرابعة والخامسة من محادثات اللجنة الدستورية. ومع ذلك، فقد مر الآن أكثر من عام منذ أن أعرب المجلس عن عزمه على أن تكون هذه بداية لعملية سياسية لإنهاء الصراع. وما زلنا نشعر بالقلق إزاء عدم إحراز اللجنة أيّ تقدم جوهري.

وفي حين أن المحادثات لحل صراع مستمر منذ قرابة 10 سنوات ستكون صعبة وربما مطولة أيضا، إلا أن هذا لا يعطي النظام حجّةً لوضع العراقيل التي حالت عن قصد دون تطرق المحادثات إلى مناقشة المسائل الجوهرية.

لقد كان القرار 2254 واضحاً تمام الوضوح بما يتعلق وترتيب الخطوات نحو انتقال سياسي يتولى السوريون زمامه بأنفسهم وبمبادرة منهم لإنهاء الصراع، وتكون الغاية منه إتاحة المجال أمام الشعب السوري لتقرير مستقبل بلاده. وبمجرد التوصل إلى اتفاق حول دستور جديد، يمكن إجراء انتخابات حرة ونزيهة كجزء من العملية السياسية التي يرتئيها القرار رقم 2254. إن أي انتخابات لا تستوفي هذه المتطلبات، ولا تُجرى وفقا للدستور الجديد، ولا تُدار تحت إشراف الأمم المتحدة ووفقا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، ولا يشارك فيها جميع السوريين، بمن فيهم المغتربون المؤهلون للتصويت، سوف لن تؤدي سوى تخريب ونزع الشرعية عن العملية السياسية التي وافق عليها هذا المجلس وسائر المجتمعُ الدولي. ومن المؤكد أن حكومة سورية واثقة من حظوظها في انتخابات حرة ونزيهة لن تسعى إلى إجراء انتخابات وفقاً لهذه الشروط.

تدعو المملكة المتحدة أيضاً إلى إحراز تقدم ملموس في الجوانب الأخرى من القرار 2254. فهناك حاجة ماسة إلى تدابير بناء الثقة من أجل المساهمة في صمود العملية السياسية. وبينما ينبغي إحراز تقدم سريع في عملية إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً، إلا أنها بدلاً من ذلك ما زالت متوقّفة.

ونسلط الضوء مرة أخرى على استمرار انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان في سورية، بما في ذلك معاملة السجناء من قبل جميع الأطراف وفق ما ورد في تقرير لجنة التحقيق الصادر في شهر سبتمبر. ومن الأشياء المروعة بشكل خاص أنباء تعرض المعتقلين للضرب بالعصي والأسلاك وربطهم حول دواليب السيارات من قبل النظام.

ولا يزال الوضع الإنساني في جميع أنحاء البلاد متردياً ويتفاقم سوءاً، كما سمعنا اليوم. وهناك 3.1 مليون شخص بحاجة إلى دعم إضافي لمساعدتهم على تحمل الشتاء القاسي، كما بدأ الناس بالفعل يعانون آثار الأحوال الجوية العاصفة فعلا. وقبل أسابيع قليلة فقط، داهمت الفيضانات 10 مواقع للنازحين داخلياً في شمال غرب سورية وجرفت معها 345 خيمة وعانى جراء ذلك 1,733 شخصا. وكما سمعنا اليوم، عندما يحدث هذا فإنه يجرف معه كل شيء: ممتلكات الناس وحياة الناس.

كذلك يعاني 9.3 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى 2.2 مليون آخرين معرّضين للخطر. وكما يقول راميش، فإن هذا العدد يزيد 1.4 مليون شخص عما كان عليه قبل عام، بل وأكثر من أي وقت مضى خلال الأزمة. كما إن التقارير عن طوابير انتظار يدوم ثلاث ساعات للحصول على الخبز مقلقة للغاية. واستهلاك الخبز يزيد عن طاقة الإنتاج بحوالي مليون طن متري. وهناك حوالي 25,000 حالة مؤكدة من الإصابة بمرض كوفيد-19 في أنحاء البلاد. وقد تضاعف هذا الرقم منذ أن اجتمع هذا المجلس في المرة الماضية لاستعراض هذه المسألة في أكتوبر. وحيث أن 92 في المئة من الحالات لا يمكن تعقّب مصدرها وربطها بحالة معروفة، فإن العدد الفعلي للحالات هو بلا شك أعلى بكثير.

ومن أجل تلبية جميع هذه الاحتياجات الحيوية، لا بد من السماح للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى بالوصول إلى المحتاجين دون عوائق. ومن الضروري منح تصاريح الدخول سريعا. كما نؤكد مجددا على أهمية الاستجابة الإنسانية الشاملة.

ولا يزال دخول المساعدات عبر الحدود، والذي أوقفه أعضاء آخرون في هذا المجلس دون داعٍ في وقت سابق من هذا العام، ذا أهمية قصوى بالنسبة إلى السوريين الذين يواجهون شتاءً قارساً آخر. وعلينا أن ننظر إلى قضية عودة اللاجئين في سياق هذه الظروف الأليمة المستمرة: أزمة الغذاء، وأزمة كوفيد، وأزمة وصول العاملين في المجال الإنساني، وتجاهل تام من قبل النظام لحقوق المعتقلين. لذلك، وفي حين أن الحاجة إلى تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين داخلياً لا تزال قائمة، فمن الواضح أن تحقق الظروف الملائمة لعودتهم ما زال بعيد المنال.

من شأن هذا كله أن يوضح كيف كان مؤتمر اللاجئين الأخير الذي استضافته روسيا في دمشق مؤتمراً صوريا: إذ كان الدافع من ورائه هو الرغبة في الترويج لتطبيع النظام السوري على حساب مصالح اللاجئين السوريين والشعب السوري.

إن مسألة عودة اللاجئين تحظى بالأولوية القصوى، ولكن لا بدَّ من مناقشتها في مكان محايد تحت رعاية الأمم المتحدة. وكما يوضح القرار 2254، يجب أن تأخذ العملية في الاعتبار مصالح البلدان المضيفة للاجئين، كما يجب أن تأخذ في الحُسبان آراء ومصالح اللاجئين والنازحين داخلياً.

إن كان النظام وروسيا جادّين فعلاً في تسهيل عمليات العودة، فسيبذلان جهوداً حقيقية لمعالجة الأوضاع التي كانت من صنع أيديهما في سورية، والتي تجعل مثل هذه العودة غير واقعية في الوقت الحالي. وبموازاة ذلك، إذا كانوا جادين في حل الأزمة التي تتسبب في نشوء هذه الظروف، فقد كان ينبغي لهم أن يشاركوا مشاركة بنّاءة وأكثر جدية في المناقشات التي جرت في جنيف خلال العام الماضي.

تاريخ النشر 25 November 2020