قصة إخبارية

الدبلوماسيون البريطانيون يكسبون معركة الإعلان عن أسماء الجُناة مستخدمي الأسلحة الكيميائية: مقال بقلم بوريس جونسون

في مقال له نشرته صحيفة ديلي تلغراف، رحّب وزير الخارجية بالتغيير الذي سوف يسمح لهيئة تحقيق مستقلة بإسناد المسؤولية عن استخدام أسلحة كيميائية في سورية.

Foreign Secretary comments on vote at OPCW

في غضون ساعات من الهجوم بالغاز على بلدة خان شيخون السورية، تعالت أصوات مروِّجي نظرية المؤامرة.

حيث زعموا أنه لم يحدث أيّ شيء، وأن كل ما وقع لا يعدو عن كونه حركة مسرحية، أو لعل البلدة ذاتها أقدمت على تسميم نفسها بالغاز في فعلة غريبة من أفعال التضحية بالنفس، أو أن شخصا ما - كائناً من كان - هو المسؤول عن اقتراف الجريمة ولكن ليس نظام بشار الأسد.

لقد أظهر هذا الفصل الذي وقع في شهر إبريل الماضي تضافر اثنتيْن من آفات عصرنا: استخدام الأسلحة الكيميائية وتسرب وذيوع الأخبار الملفّقة التي تهدف إلى التستّر على الجُناة.

وليس هناك سوى ردّ ملائم واحد على هذا المزيج الخبيث. إذ لا بدّ للمجتمع الدولي من أن يتمكن من الكشف عن الحقيقة من خلال هيئة تحقيق مستقلّة، وتتمتع بصلاحية تسمية الجهة التي استخدمت الأسلحة الكيميائية وليس فقط القول إن كان هناك استخدام لتلك الأسلحة أو لم يكن.

وكانت هذه الصلاحية الحيوية، المتمثلة في تحميل المسؤولية عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، هي ما ساهمت الدبلوماسية البريطانية في استرجاعها.

وقد أصبحت هناك حاجة لمساعينا بسبب ما حدث بعد هجمة خان شيخون. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017، وجد تحقيق مشترك بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن إحدى طائرات الأسد الحربية أسقطت قنبلة معبّأة بغاز الأعصاب السارين فوق خان شيخون (وهو ما يتناقض وضجيج أبواق أصحاب نظرية المؤامرة).

وكانت تلك المرّة الرابعة التي استنتج فيها التحقيق المشترك مسؤولية نظام الأسد عن الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سورية. كما حُمِّل إرهابيو داعش المسؤولية عن واقعتيْن أخرييْن.

ولكن اختارت روسيا الوقوف إلى جانب الأسد وحمايته واستعمال حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لمنع تجديد عمل لجنة التحقيق. ودخلنا عندئذ مرحلة استطاع خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خلالها التحقيق في الهجمات الكيميائية في سورية، شريطة عدم تسمية الجهة المسؤولة عن استخدامها.

وهكذا بدا وكأن المطلوب من المحققين في واقع الأمر التخيل بأن الأسلحة الكيميائية قد تتساقط من السماء من جراء نفسها، دون أي قوة فاعلة أو فاعل. وبدا الأمر وكأن هناك قَسَمٌ بين أفراد الزّمرة بالتزام الصمت والتستّر على هويّة الجهة الآثمة.

وكانت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية قد أفادت بأن الأسلحة الكيميائية استخدمت مرتيْن أخريين في سورية – مرةً في بلدة اللطامنة في مارس/آذار 2017، ومرةً في مدينة سراقب في شهر فبراير/شباط هذه السنة. ولكن المنظمة لم تحدد هوية الفاعل.

لقد أحسستُ بأن تحريماً جديداً وشديد الضرر قد بدأ يتبلور رويداً رويدا، وهو ليس تحريماً لاستخدام الأسلحة الكيميائية بل لذكر اسم المسؤول عن استخدامها. وهكذا أضحت الجريمة وكأنها ليست قتلَ الناس بالغاز السام، بل التجرّؤ على تحديد هوية مقترف فعلة خبيثة كهذه.

ومن هنا تنبع أهمية التغيير الذي تم إحرازه هذا الأسبوع. ففي يوم الأربعاء، تبنت جلسة خاصة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية “قرارا”ً صاغته بريطانيا للسماح لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية باستخدام كامل صلاحياتها لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجمات الكيميائية في سورية.

ولو أنكم كنتم معي في لاهاي، لكنتم شاركتموني الاعتزاز بالدبلوماسيين البريطانيين الذين كانوا دائبي الحركة والتواصل مع دول أخرى لإقناع المترددين ومقارعة مساعي روسيا وإيران لإفشال الخطة.

وألقت شبكة سفاراتنا بثقلها من وراء هذه الحملة، وعملت جنبا إلى جنب مع دول شتى في أنحاء العالم. وقضيت أنا معظم اليوم في الاجتماع أو الاتصال بعشرات من نظرائي. وفي نهاية اليوم كانت الغلبة لمقترحنا بتصويت 82 دولة لصالح القرار مقابل 24 – أي أن النتيجة كانت أفضل مما كنا نحلم به.

وبقدْرٌ كبير من الفضل للدبلوماسية البريطانية، سيكون باستطاعة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تجيب على كل الأسئلة الحيوية المتعلقة بأي حادثة تقع في المستقبل: ما الذي حدث، ومتى وأين – ومن هو المسؤول.

لقد أعدنا التحريم إلى حيث يجب له أن يكون: تحريم فظاعة استخدام سلاح كيميائي. وإذا ما حدث وأن تكرّر وقوع مثل هذه الهجمات مستقبلا، فسوف يكون هناك مرة أخرى محققون لديهم صلاحية اكتشاف الفاعل. ولكم أن تفخروا بالدبلوماسيين البريطانيين الذين بذلوا الكثير من الجهد لتحقيق هذه النتيجة.

المزيد حول اتفاق المجتمع الدولي على تشديد الحظر الدولي على استخدام الأسلحة الكيميائية.

للمزيد

تاريخ النشر 29 June 2018