خطاب

حث الفلسطينيين والإسرائيليين على التفاوض حول حل الدولتين

مداخلة وزير شؤون الشرق الأوسط، جيمس كليفرلي، في إحاطة مجلس الأمن بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط: السلام المفروض بالقوة لا يمكن أن يكون سلاما. ولن يحقق أكثر من زرع بذور انعدام الثقة وعدم الاستقرار في المستقبل.

Rt Hon James Cleverly MP at UNSC briefing on Middle East Peace Process

شكراً السيد الرئيس، وشكراً للمنسق الخاص ملادينوف، وللأمين العام لجامعة الدول العربية على إحاطاتهم.

اليوم، أُلقي هذا الخطاب على المجلس بينما نمر في حالة حرجة.

ومثل الكثيرين، أشعر بالقلق والإحباط بسبب عدم إحراز أي تقدم نحو تحقيق حل الدولتين.

ففي عام 1947، عندما انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين، أكدت الجمعية العامة تأييديها لوجهة نظر المجتمع الدولي بضرورة الحاجة إلى التقسيم إلى دولتين.

وفي عام 1993، اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل، وقبلت بخطوط الهدنة في عام 1967 واعتبرتها مرجعاً أساسياً للحدود المستقبلية بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

لقد كانت تلك لحظة تفاؤل كبير.

إذ إنها كانت موافقة فلسطينية على الحل الذي قبلت به إسرائيل نفسها في عام 1947، وأكدت على أنه هو الحل الوحيد الذي يجمع عليه العالم أجمع.

لكن وعلى الرغم من لحظات التفاؤل هذه، إلا أن الطرفين لقيا صعوبات في إيجاد أرضية مشتركة تفضي إلى تسوية سلمية دائمة.

والحقيقة دائماً وبلا أي شك هي أن أي تسوية سلمية تحتاج تأييداً من كلا الشعبين.

فأي عملية تسوية، وأي سلام، يجب أن تكون بالاتفاق وليس بالفرض. ولكنها تتطلب أيضاً براغماتية ومرونة في التعامل من كلا الجانبين.

فقد حدد كل من الأمين العام في تقريره عن تنفيذ قرار رقم 2334، والمنسق الخاص في إحاطته للمجلس اليوم، مجموعة من العناصر التي تعيق عملية السلام.

لقد سمعنا عن التوسع الاستيطاني، وزيادة عمليات الهدم، وعمليات الاستيلاء، وتفاقم عنف المستوطنين.

ولطالما حثت المملكة المتحدة إسرائيل على إنهاء هذه الأفعال التي يترتب عليها نتائج عكسية.

وفي الوقت نفسه، يطلق مسلحون فلسطينيون صواريخ وقنابل حارقة من غزة، مهددين بذلك أمن إسرائيل.

وقد عانى الإسرائيليون من ويلات الإرهاب ومعاداة السامية.

دعوني أكون واضحاً: إن المملكة المتحدة ملتزمة بالحفاظ على أمن إسرائيل. نحن ندين تماما كافة أشكال التحريض ومعاداة السامية.

ولعل الأمر الأكثر أهمية هو مخططات إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، والتي تشكل تهديداً كبيراً ووجوديا لعملية السلام.

لقد كانت المملكة المتحدة واضحة دائما، في هذا المجلس وخارجه، بأن الإجراءات من جانب واحد تعدّ غير مقبولة.

إن مخطط الضم هذا يهدد بالإشارة إلى رفض إسرائيل الحل ذاته الذي وافقت عليه هي والمجتمع الدولي في عام 1947.

وكما قال رئيس الوزراء في 16 يونيو/حزيران، إن المملكة المتحدة تعارض وبشدة مخطط الضم الذي ينتهك القانون الدولي. ولن تعترف المملكة المتحدة بأي محاولات أحادية الجانب لتغيير الحدود. فخطوة كهذه تتعارض مع النظام الدولي القائم على القواعد، ومع ميثاق الأمم المتحدة. لا يمكن السكوت عن مخطط الضم هذا من دون مساءلة، ونحن نناشد إسرائيل بإعادة النظر بهذا المخطط.

إن خطوة كهذه من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي، وتهديد أمن إسرائيل نفسها. وقد يكون لها تأثير حقيقي على مستوى علاقات إسرائيل مع المنطقة، وكذلك مع المجتمع الدولي.

وعلينا ألا ننسى العواقب التي سيعود بها مخطط الضم بشكل مباشر على الأشخاص الأكثر تضرراً بذلك: الشعب الفلسطيني.

إلا أنه لا يمكننا أن نتوقع أن تكون عواقب هذه الخطوة هي فقدان الأمل. ولكن يمكننا القول، وبدرجة من اليقين، أن المتطرفين هم الذين سيستفيدون أكثر من غيرهم.

يجب علينا أن نجد طريقة أخرى.

لن يتم التوصل إلى اتفاق دائم إلا من خلال التحرك الحقيقي نحو تجديد عملية السلام عن طريق المفاوضات؛ المفاوضات التي ستؤدي إلى وجود دولة فلسطينية فاعلة وذات سيادة، تعيش في سلام وأمن جنباً إلى جنب مع إسرائيل، وذلك وفقاً لحدود عام 1967 والاتفاق على تبادل الأراضي، وأن تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين، بالإضافة إلى وجود تسوية عادلة ومتفق عليها وواقعية للاجئين.

وأنا أخاطب هذا المجلس اليوم للتعبير عن استعداد المملكة المتحدة للوقوف مع القيادات الإسرائيلية والفلسطينية في اختيار مسار الحوار.

نحن لا نقلل من شأن هذه التحديات، ولكننا نؤمن إيماناً راسخاً بإمكانية تحقق عملية السلام بوجود قيادات جريئة. ولدى المملكة المتحدة استعداد لدعم كل الجهود المبذولة للتوصل إلى حل دائم وسلمي.

ونحن ندرك أن للولايات المتحدة دور رئيسي في عملية السلام في الشرق الأوسط. لذا نحث الولايات المتحدة وإسرائيل والقيادة الفلسطينية على إيجاد وسيلة لاستئناف المفاوضات، بدعم من المجتمع الدولي.

وكما قلت مسبقاً، سيتطلب ذلك مرونة، وبراغماتية، وبالطبع تنازلات من كل الأطراف.

نحن نتفهم أن هذا الطريق ليس سهلاً، ولكن يجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق نتيجة تفاوضية.

فالسلام المفروض بالقوة لا يمكن أن يكون سلاما. ولن يحقق أكثر من زرع بذور انعدام الثقة وعدم الاستقرار في المستقبل. والإسرائيليون والفلسطينيون يستحقون أفضل من ذلك.

على الرغم من هذه الانتكاسات، لا تزال المملكة المتحدة تعتقد اعتقاداً عميقاً بأن حل الدولتين الحقيقي الناتج عن المفاوضات هو الوسيلة الوحيدة الممكنة لإحلال السلام وتحقيق الاستقرار للإسرائيليين والفلسطينيين.

إنها الطريقة الوحيدة للحفاظ على هوية إسرائيل اليهودية والديمقراطية، وإعمال حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك تقرير المصير. وهي الطريقة الوحيدة لإنهاء هذا الصراع بشكل دائم.

تاريخ النشر 24 June 2020