خطاب

"الرد المنسق المتكامل هو وحده الكفيل القادر على التصدي لما هو تهديد عالمي وعشوائي حقا"

ديفيد كاميرون: علينا تعزيز جهودنا في مكافحة الإرهاب هزيمة فكر التطرف المسمم الذي هو أساس هذا التهديد الإرهابي والتعاون معا تعاونا أكبر لهزيمة هذا التهديد.

تم نشره بموجب 2010 to 2015 Conservative and Liberal Democrat coalition government
PM

كلمة رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، في مجلس الأمن الدولي حول المقاتلين الأجانب.

إن الصراع في العراق وسورية يهز العالم ببربريته. والوحشية التي تنطوي عليها هذه البربرية - من قطع الرؤوس وقلع الأعين والاغتصاب - مروّعة. بل إنها تحمل كل سمات العصور الوسطى. ولقد كان القتل المروّع للمواطن الفرنسي إيرفيه غورديل آخر هذه الفظائع. وتعازينا للرئيس الفرنسي والشعب الفرنسي.

غير أن الأوجه الأكثر إثارة للقلق هي طريقة امتصاص هذا الصراع لشبابنا نحن، من مجتمعات عصرية مزدهرة. والخطر على أمننا من المقاتلين الأجانب أكبر بكثير اليوم مما كان في أي صراعات سابقة. وإنني أشيد بالرئيس أوباما على ما أبداه من زعامة شخصية حيال هذه القضية الخطيرة.

إنها قضيةٌ تؤثر علينا جميعاً. جرى الكشف عن الأرقام العامّة، ولكن دعوني أقول لكم أن 500 من هؤلاء المتطرفين الذين سافروا إلى سورية والعراق هم من بلدي أنا. ثم إن القتل المروع لكل من جيمس فولي وستيفن سوتلوف وديفيد هينز على يد مقاتل يتحدث كما يبدو بلكنة بريطانية يؤكد الطبيعة الشريرة المباشرة لهذه الخطر. لقد تقزز الشعب البريطاني من كوْن مواطن بريطاني، نعم مواطن بريطاني، قد تورّط في قتل أناس بهذه الطريقة، ومن بينهم مواطنه البريطاني، ابن بلده، الذي كان قد ذهب إلى سورية لمساعدة الناس هناك. فذلك مخالف لكل ما تمثله وتتسم به بلادنا المسالمة المتسامحة.

وعليه فإننا نحتاج إلى ردٍّ تشارك فيه جميع قطاعات الحكومة والمجتمع - وكل بلدٍ طرفٍ في أوسع تحالفٍ دولي ممكن. ليست هناك أجوبة سهلة أو علاجات سريعة. وأعتقد أننا سنظل نتصدى لتداعيات هذا الخطر لسنوات عديدة. والسبب كما قيل هو أن المشكلة لا تنحصر في تنظيم داعش وحسب، فهناك أيضا جماعة الشباب، وبوكو حرام، وتنظيم القاعدة. الصراع في كل مكان. حيث انتشر وترسخ الفكر المسمم للتطرف الإسلامي في كل مكان يسود في الصراع ويوجد به حكم سيء.

ولكني أعتقد أن باستطاعتنا فعل ثلاثة أشياء.

أولا، علينا تعزيز جهودنا في مكافحة الإرهاب لمنع وقوع أي اعتداءات وملاحقة من يخططون لها. من جانبنا في المملكة المتحدة، نعمل على استحداث سلطات جديدة تعزز قدرتنا على حجز جوازات السفر ومنع المشتبه بهم من السفر، وتتيح لنا مؤقتا منع مواطنين بريطانيين من العودة إلى البلاد، وتكفل التزام شركات الطيران بقائمة حظر نقل مسافرين محددين وتطبيق ضوابط للتدقيق الأمني، وتتيح لشرطتنا وأجهزتنا الأمنية تطبيق ضوابط أقوى على الذين يشكلون خطرا لكنهم مازالوا في المملكة المتحدة.

ثانيا، وأعتقد أن هذا مهم جدا، علينا هزيمة فكر التطرف المسمم الذي هو أساس هذا التهديد الإرهابي. نعم هناك مواقع إلكترونية ومن يدعون للعنف والتطرف العنيف، وبالطبع لابد من منعهم. لكن كما يتبين من الأدلة التي تظهر لنا بشأن خلفيات المدانين بجرائم تتعلق بالإرهاب، الكثير منهم وقعوا أساسا تحت تأثير دعاة يزعمون بأنهم لا يشجعون على العنف، لكن نظرتهم الدنيوية يمكن أن تكون مبررا له.

ونحن نعلم بأن هذه النظرة الدنيوية ما هي إلا ترويج لأكاذيب: بأن اعتداءات 11/9 كانت مخططا يهوديا أو أن اعتداءات 7/7 في لندن كانت مفبركة، وفكرة أن المسلمين يتعرضون للاضطهاد في أنحاء العالم في سياق سياسة غربية متعمدة، ومفهوم صراع حضارات لا مفر منه. لكن علينا أن نكون واضحين بأننا كي نتمكن من هزيمة فكر التطرف علينا معالجة كافة أشكال التطرف - وليس فقط التطرف العنيف. ذلك يعني منع دعاة الكراهية من القدوم إلى بلادنا. كما يعني حظر منظمات تحرض على أعمال الإرهاب ضد مواطنين في بلادنا وفي الخارج. ويعني أيضا منع المتطرفين - سواء كانوا عنيفين أو غير عنيفين - من التحريض على الكراهية والتعصب في مدارسنا وفي جامعاتنا وحتى أحيانا في سجوننا. بمعنى آخر، اتخاذ إجراء حازم وحاسم - بهدف حماية وصيانة قيمنا القائمة على مجتمعات حرة وديموقراطية.

وكما قيل من قبل، علينا توفير جدلية بديلة، وخصوصا لهؤلاء الشباب. وقد أثار إعجابي ما قلته، الأمين العام، بأن الصواريخ يمكن أن تقتل إرهابيين، لكن الحوكمة يمكن أن تقتل الإرهاب. وعلينا أن نكرر القول مرة تلو الأخرى بأن ذلك لا علاقة له بالدين الإسلامي - دين السلام. ونحن نريد بلدا إسلاميا تلو الآخر، وزعيما إسلاميا تلو الآخر الحديث بصوت عالٍ، مثلما فعل ملك الأردن في حديثه بوضوح اليوم مدينا هؤلاء الأفراد الذين يقولون بأنهم يتحدثون باسم الإسلام بينما أنهم في الواقع لا يفعلون ولا يعملون بمبادئه.

ثالثا وأخيرا، بالإضافة للإجراءات التي يتخذها كل منا في بلاده، علينا التعاون معا تعاونا أكبر لهزيمة هذا التهديد. فهزيمة داعش لن تتحقق إلا إذا استعنّا بكافة الأسلحة التي تحت تصرفنا. نعم، فرض عقوبات ضد داعش - وجبهة النصرة - وأعتقد بأن علينا فعل أكثر من ذلك. لكن علينا أيضا الاستعانة بالمساعدات التي نقدمها لمساعدة المتضررين. وعلينا ايضا استغلال دبلوماسيتنا والتسويات السياسية لتعزيز قدرات دول المنطقة. ونحن بحاجة لحكومات تكون ممثلة لكافة طوائف شعبها، وأن تعالج المظالم التي تؤرقهم.

إن المملكة المتحدة ملتزمة بمواجهة هذا التحدي. حيث أن الرد المنسق المتكامل هو وحده الكفيل القادر على التصدي لما هو تهديد عالمي وعشوائي حقا. يمثل هذا الرد جزءا من استراتيجيتنا الشاملة لإضعاف والقضاء على داعش. ولا بد وأن تكون استراتيجيتنا بموازاة عملنا مع الدول العربية، ودائما تدعم الشعوب المحلية، وتكون متماشية مع التزاماتنا القانونية، وتمثل جزءا من خطة تشمل مساعداتنا الإنسانية ودبلوماسيتنا وكذلك إمكاناتنا العسكرية.

علينا أن نتصرف، وأن نتصرف الآن.

تاريخ النشر 24 September 2014