بيان شفوي للبرلمان

مستجدات المساعدات البريطانية لسورية

وزيرة التنمية الدولية، بيني موردنت، تطلع البرلمان على مستجدات المساعدات البريطانية المقدمة لمساعدة السوريين داخل سورية وفي الدول المجاورة في المنطقة.

Penny Mordaunt

أود أن أطلع المجلس على الدعم المقدم من المملكة المتحدة للشعب السوري. وإنني مدركة تماما بأن أعضاء المجلس يقلقهم بشدة مستوى المعاناة التي يعانيها ملايين السوريين. لقد أبدت المملكة المتحدة قيادتها للجهود الدولية الإنسانية، وسوف تستمر في ذلك.

وفي هذا العام الثامن من الصراع، مازالت محنة الشعب السوري كبيرة جدا. ويبدو أن النظام السوري لا يعتزم إنهاء معاناة شعبه، رغم أن المعارضة ليست لديها أية شروط بشأن مفاوضات السلام.

والاعتداء البربري في دوما على مدنيين أبرياء، بمن فيهم أطفال، كان مثالا آخر على عدم امتثال النظام لمسؤوليته لحماية المدنيين. وقد يسعى البعض لإثارة الشك بشأن هذا الاعتداء والجهة المسؤولة عنه، إلا أن الاستخبارات والإفادات من المنظمات غير الحكومية وموظفي الإغاثة واضحة: وقد وردت تقارير لمنظمة الصحة العالمية تفيد بأن مئات المرضى وصلوا إلى مرافق الرعاية الصحية السورية ليل 7 إبريل/نيسان وتبدو عليها “علامات وأعراض تشير إلى تعرضهم لمواد كيميائية سامة”.

كما شوهدت مروحيات النظام تحلق فوق دوما ذلك المساء: المعارضة ليس لديها مروحيات ولا تستخدم براميل متفجرة.

سوف يحاول نظام الأسد وداعموه، روسيا وإيران، عرقلة كل الجهود الدبلوماسية الرامية لمحاسبة النظام عن هذه التكتيكات البغيضة وغير القانونية. لهذا السبب نفذت المملكة المتحدة، إلى جانب حليفتينا الولايات المتحدة وفرنسا، عملية منسقة ومحدودة وموجهة ضد قدرات الأسلحة الكيميائية للنظام بهدف تخفيف المعاناة الإنسانية.

بريطانيا تؤكد بوضوح بأن علينا الدفاع عن النظام القائم على القوانين الذي يحفظ سلامتنا جميعا. وإنني أرحب بالدعم الذي حظينا به من أعضاء هذا المجلس، وكذلك من المجتمع الدولي.

وسوف نعمل مع الأمم المتحدة ومع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتأسيس آلية جديدة مستقلة لتحديد المسؤولية عن الاعتداءات بالأسلحة الكيميائية.

وسوف نعمل مع فرنسا والشراكة الدولية لمكافحة الإفلات من العقاب عن استخدام الأسلحة الكيميائية، ومع الاتحاد الأوروبي، لفرض نظام عقوبات جديدة ضد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية.

إن روسيا، باستخدامها الفيتو في الأمم المتحدة 12 مرة، قد منحت الأسد الضوء الأخضر لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ضد شعبه - إنه نظام أسقط نحو سبعين ألف برميل متفجر على أهداف مدنية.

إنه نظام يجوع شعبه لإجباره على الخضوع، رغم مطالبات مجلس الأمن الدولي للنظام بعدم عرقلة دخول المساعدات الإنسانية.

إنه نظام واصل عرقلة دخول المساعدات إلى الغوطة الشرقية وصادر إمدادات طبية من القوافل النادرة من المساعدات التي استطاعت الدخول.

إنه نظام يستخدم الاغتصاب كسلاح حرب، حيث نحو ثمانية من بين كل عشرة معتقلين لدى النظام قالوا بأنهم تعرضوا لعنف جنسي.

إنه نظام يتعمد قصف المدارس والمشافي، ويستهدف موظفي الإغاثة والمستجيبين للطوارئ بينما يتسارعون إلى موقع قصف لتقديم المساعدة للمصابين.

علينا مساعدة الضحايا الأبرياء لهذه الأفعال الوحشية. ويجب على جميع الأطراف المتحاربة الالتزام بمواثيق جنيف بشأن حماية المدنيين وغيرهم من غير المقاتلين. يجب وقف إطلاق النار فورا، وتوفير ممرات آمنة لموظفي الإغاثة والطواقم الطبية ليتمكنوا من أداء عملهم.

كما نريد تعديل ما نفعله ليناسب الواقع الجديد للحرب. لهذا السبب أعلنت تأسيس صندوق “إيجاد أمل في وسط الصراع” بالعمل مع وكالة التنمية الدولية الأمريكية للعمل مع القطاع الخاص لأجل ابتكار تكنولوجيا جديدة لإنقاذ الأرواح في مناطق الصراع، وسوف تؤسس بريطانيا مركزا للابتكار بالعمل الإنساني لتطوير قدرات جديدة لكبح أنظمة تبدو عازمة على قتل رجال ونساء وأطفال أبرياء.

المساعدات التي نقدمها لها أثر كبير. فرغم العنف المروع الذي ينشره الأسد، استطعنا منع وقوع مجاعة جماعية، ومنع انتشار أمراض على نطاق واسع. حين نستطيع الوصول إلى من يحتاجون لمساعدة منا، فإن مساعداتنا تحقق النتائج المرجوة.

نحن ثاني أكبر دولة مانحة بشكل ثنائي استجابة للأزمة الإنسانية في سورية. فمنذ عام 2012، وفرت مساعداتنا ما يربو على 22 مليون حصة غذائية شهريا، ونحو 10 ملايين استشارة طبية، وأكثر من 9 ملايين حزمة مساعدات.

إلا أن المعاناة مستمرة.

فهناك الآن 13.1 مليون شخص بحاجة لمساعدات إنسانية. وأكثر من نصف سكان سورية باتوا مهجَّرين بسبب العنف، إلى جانب نحو 6 ملايين لاجئين في دول مجاورة.

وفي شمال غرب سورية، تسبب تكثيف القتال ووصول 60,000 نازح إضافي من الغوطة الشرقية في زيادة الضغط على الموارد الشحيحة المتوفرة. واليوم 65% من سكان إدلب – أي ما يربو على 1.2 مليون شخص – اضطروا للنزوح عن بيوتهم.

لقد أعلنت خلال مؤتمر “مساعدة مستقبل سورية والمنطقة” الذي عقد في بروكسيل الأسبوع الماضي بأن المملكة المتحدة ستقدم 450 مليون جنيه إسترليني على الأقل هذه السنة، و300 مليون جنيه في السنة القادمة، لتخفيف المعاناة الفظيعة في سورية، ولتوفير دعم حيوي في الدول المجاورة. هذا إضافة إلى ما نقدمه من دعم للدفعة الثانية من ميزانية صندوق الاتحاد الأوروبي لدعم اللاجئين السوريين في تركيا. وقد رصدنا حتى الآن 2.71 مليار جنيه إسترليني منذ عام 2012، وتلك هي أكبر مساهمة على الإطلاق من المملكة المتحدة استجابة لأزمة إنسانية واحدة.

إن ما تعهدنا بتقديمه سوف يساعد في بقاء المرافق الطبية مفتوحة لتنقذ أرواح الناس. وسوف نرسل معدات وقائية لحماية الفرق الطبية وموظفي الإغاثة أثناء أدائهم لعملهم. كما سنرسل مخزونا من العقاقير المضادة لمعالجة أي ضحايا آخرين لاستخدام الأسلحة الكيميائية. وسوف ندرب أيضا أطباء وممرضين لمعالجة جراح المصابين.

وسوف نركز على التعليم لضمان أن يتمكن كل طفل في المنطقة من الحصول على تعليم جيد، حتى في أصعب الظروف؛ وعلى خطوات لحماية المدنيين وضمان أن المسؤولين عن الاعتداءات يواجهون العدالة. وسنساهم كذلك في مساعدة ملايين السوريين اللاجئين في الدول المجاورة.

ويواصل أصدقاؤنا في المنطقة، وخصوصا الأردن ولبنان وتركيا، إبداء كرم سخي في فتح أبوابهم أمام ملايين الفارين من الصراع في سورية.

علينا مواصلة تقديم دعمنا التام لهم. وقد أعلنت في الأسبوع الماضي بأن المملكة المتحدة سوف تستضيف مؤتمرا دوليا في لندن بالشراكة مع الأردن في وقت لاحق من العام الحالي. يهدف هذا البرنامج إلى إبراز خطط الإصلاح الاقتصادي في الأردن، وطموحه لتطوير قطاع خاص منتعش، ولتحفيز الاستثمارات الدولية في الأردن.

لكن يوجد لاجئون لا يمكن مساعدتهم في المنطقة: سواء مرضى بحاجة عاجلة لعلاج طبي، أو ناجين من العنف أو التعذيب، أو نساء أو أطفال معرضين لخطر استغلالهم. وبالتالي سوف نعمل بشكل وثيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتحديد من هم أكثر عرضة للخطر لإحضارهم إلى المملكة المتحدة.

نحن من جانبنا نقدم المساعدة. إلا أن الأسد، بدعم من روسيا، يواصل قصف شعبه – ولهذا السبب مازال هناك الكثير ممن تُزهق أرواحهم، والكثير ممن يفرون من ديارهم.

الحرب الأهلية في سورية لا حل عسكري لها. وكما قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص، ستافان دي ميستورا، في بروكسيل الأسبوع الماضي، يجازف نظام الأسد في تحقيق نصر يتركه أسوأ حالا من ذي قبل ما لم يشارك هو وداعموه في عملية سياسية حقيقية. فهذا هو وحده الكفيل بتحقيق المصالحة وإعادة سورية لتكون دولة تنعم بالازدهار والأمان والاستقرار.

وسوف تواصل المملكة المتحدة دعم جهود الأمم المتحدة، بموجب عملية جنيف، لتحقيق ذلك. إلا أن العقبات لا تزال خطيرة – حيث لم يُظهر النظام أي بوادر على التواصل بشكل جدي حتى الآن، وما زال مجلس الأمن منقسما.

لكن ليس بوسع المجتمع الدولي، بل لا يمكنه، أن يستسلم للفشل. حيث إن تكلفة الفشل بالنسبة لسورية والمنطقة والنظام الدولي القائم على القوانين عموما تكلفة هائلة. وقد كان وزير الخارجية في باريس يوم الخميس الماضي ليبحث مع شركائنا سبل تكثيف جهودنا لإنهاء هذا الصراع ومسبباته.

وبينما نسعى بكل جد لإيجاد حل سياسي، ستواصل المملكة المتحدة الوقوف إلى جانب الشعب السوري وإلى جانب المنطقة، وبذل كل ما في استطاعتها لتخفيف المعاناة الإنسانية، والمطالبة بالسماح فورا بوصول موظفي الإغاثة لكل من يحتاج إلى مساعدة.

تاريخ النشر 30 April 2018