خطاب

مؤتمر صحفي لرئيسة الوزراء حول الضربة الجوية في سورية

أدلت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بالتصريح التالي أمام الصحفيين في مؤتمر صحفي عقد في داوننغ ستريت اليوم.

Statement on Syria

قالت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي:

نفذت القوات البريطانية والفرنسية والأمريكية ليل أمس ضربات جوية موجّهة ومنسقة لإضعاف قدرات النظام السوري بمجال الأسلحة الكيميائية وردعه عن استخدامها مستقبلا.

ومن جانب المملكة المتحدة، وجهت طائرات تورنادو التابعة لسلاح الجو الملكي صواريخ “ظل العاصفة” ضد مرافق عسكرية على بعد نحو 15 ميلا إلى غرب مدينة حمص، والتي يُعتقد بأن النظام يحتفظ فيها بأسلحة كيميائية انتهاكا لالتزامات سورية بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

وبينما أن العمل مازال جاريا لتقييم الضربة الجوية، فإننا على ثقة بأنها كانت ضربة ناجحة.

اسمحوا لي أن أشرح سبب اتخاذنا لهذا العمل العسكري.

يوم السبت الماضي، نحو 75 شخصا، من بينهم أطفال صغار، قضوا نحبهم نتيجة اعتداء شنيع وبربري في دوما، إلى جانب إصابة ما يصل إلى 500 آخرين.

وقد عملنا مع حلفائنا للتحقق مما حدث. وكانت كل المؤشرات تدل على أن ذلك كان اعتداءً بالأسلحة الكيميائية.

لقد شاهدنا صورا مروعة لرجال ونساء وأطفال قُتلوا نتيجة الاعتداء، وتبدو رغوة تخرج أفواههم. تلك عائلات بريئة كانت، وقت وقوع الاعتداء بالأسلحة الكيميائية، تحتمي في ملجأ تحت الأرض.

وقد شرحت تقارير من منظمات غير حكومية وموظفي الإغاثة على الأرض حالات معاناة مروعة، بما فيها حروق للعيون، وحالات اختناق، واختلاف في لون الجلد، ورائحة تشبه رائحة الكلورين تنبعث من الضحايا.

كما تلقت منظمة الصحة العالمية تقارير تفيد بأن مئات المرضى الذين وصلوا إلى مرافق صحية في سورية مساء السبت “بدت عليهم أعراض مشابهة لأعراض التعرض لمواد كيميائية سامة.”

ونحن على يقين أيضا بشأن المسؤول عن هذا الاعتداء. حيث تتوفر كمية كبيرة من المعلومات، إلى جانب الاستخبارات، التي تشير إلى مسؤولية النظام السوري عن هذا الاعتداء الأخير.

ليس باستطاعتي الإفصاح عن كل المعلومات. لكن سأعطي مثالا عن بعض الأدلة التي أوصلتنا لهذا الاستنتاج.

تشير مصادر مفتوحة إلى استخدام برميل متفجر لتنفيذ هذا الاعتداء بالأسلحة الكيميائية. كما تفيد مصادر مفتوحة متعددة إلى أن مروحية للنظام شوهدت تحلق فوق مدينة دوما مساء يوم 7 إبريل/نيسان.

المعارضة ليس لديها مروحيات، ولا تستخدم براميل متفجرة.

كما تشير مصادر استخبارية موثوقة إلى أن مسؤولين عسكريين سوريين نسّقوا ما يبدو وأنه استخدام أسلحة كيميائية في دوما يوم 7 إبريل/نيسان.

ليس باستطاعة أية جماعة أخرى تنفيذ هذا الاعتداء. وبكل تأكيد، ليس هناك وجود لداعش في دوما.

وحقيقة هذا الاعتداء لا تفاجئ أحد. فنحن نعلم أن لدى النظام السوري سجل مروع باستخدامه للأسلحة الكيميائية ضد شعبه. ففي 21 أغسطس/آب 2013 أُزهقت أرواح ما يربو على 800 شخص، وأصيب آلاف غيرهم، نتيجة اعتداء بالأسلحة الكيميائية في الغوطة. وقبل ذلك نفذ النظام 14 اعتداء أصغر حجما في ذلك الصيف.

وفي خان شيخون، في 4 إبريل/نيسان من العام الماضي، استخدم نظام الأسد السارين ضد شعبه، متسببا في مقتل نحو 100 شخص وإصابة 500 آخرين.

وبناء على النمط المتكرر لأفعال نظام الأسد، والتحليل التراكمي لأحداث محددة، نرى أن من المرجح جدا أن نظام الأسد استمر في استخدام الأسلحة الكيميائية منذ ذلك الحين، وأنه سوف يستمر في استخدامها.

هذا يجب أن يتوقف. وقد سعينا لفعل ذلك بكافة القنوات الدبلوماسية الممكنة. لكن جهودنا أُحبِطت مرارا وتكرارا على الأرض وفي الأمم المتحدة.

بعد الاعتداء بغاز السارين في الغوطة في أغسطس/آب 2013، التزم النظام السوري بتفكيك برنامج الأسلحة الكيميائية لديه - وتعهدت روسيا بضمان أن تفعل سورية ذلك، تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لكن لم يتم الإيفاء بهذه التعهدات.

فقد أشار تقرير صدر مؤخرا عن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى أن إعلان سورية عن برنامجها السابق للأسلحة الكيميائية لم يكن تاما. وهذا يشير إلى استمرارها بالاحتفاظ بمخزون من غاز الأعصاب أو سلائف المواد الكيميائية - ومن المرجح أن تستمر في إنتاج بعض الأسلحة الكيميائية.

كما أجرى مفتشون من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تحقيقا في الاعتداءات السابقة، واستنتجوا في أربع مرات مسؤولية النظام بالفعل عن هذه الاعتداءات. وفي كل مرة نرى فيها كل المؤشرات الدالة على استخدام أسلحة كيميائية، عمدت روسيا في مجلس الأمن إلى عرقلة أية محاولة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات، وقد استخدمت الفيتو ست مرات منذ بداية 2017.

وفي الأسبوع الحالي استخدمت روسيا الفيتو ضد مشروع قرار لإجراء تحقيق مستقل بهذا الاعتداء الأخير - بل وزعمت على نحو عجيب ومستغرب بأن الاعتداء كان “مدبرا” من قبل بريطانيا.

وبالتالي ليس أمامنا من خيار سوى استنتاج أن الجهود الدبلوماسية وحدها لن تكون فعالة في المستقبل مثلما لم تكن فعالة في الماضي. وقد عملت المملكة المتحدة خلال الأسبوع الماضي بشكل مكثف مع شركائنا الدوليين لبناء صورة الأدلة، ولبحث الإجراء الذي علينا اتخاذه لمنع وردع حدوث كوارث إنسانية مستقبلا بفعل الاعتداءات بأسلحة كيميائية.

وعندما اجتمع مجلس الوزراء يوم الخميس، بحثنا ما أشار به النائب العام ومستشار الأمن القومي ورئيس أركان الدفاع - واستمعنا لشرح بشأن التقييم الأخير والمعلومات الاستخباراتية. وبناء على تلك المشورة، اتفقنا على أن من الصواب والقانوني اتخاذ إجراء عسكري، إلى جانب حلفائنا المقربين، لتقليل حدوث مزيد من المعاناة الإنسانية، وذلك بإضعاف قدرات النظام السوري بمجال الأسلحة الكيميائية وردعه عن استخدامها.

هذا العمل العسكري لم يكن هدفه التدخل في الحرب الأهلية. كما لم يكن هدفه تغيير النظام.

وكما بحثت مع الرئيس ترامب ومع الرئيس ماكرون، كانت تلك ضربة جوية محدودة وموجّهة وفعالة وحدودها واضحة، وكانت تسعى بكل وضوح إلى تجنب التصعيد، وبُذلت كل الجهود الممكنة لمنع وقوع ضحايا مدنيين.

وقد عملنا معا لضرب أهداف معينة ومحدودة. كانت هذه الأهداف هي موقعا لتخزين الأسلحة الكيميائية وإنتاجها، ومركزا للأبحاث المتعلقة بالأسلحة الكيميائية، ومستودعا عسكريا استُخدم في الاعتداءات بهذه الأسلحة. ومن شأن ضرب هذه الأهداف بالقوة التي استخدمناها أن يُضعف بشدة قدرة النظام السوري على إجراء أبحاث تتعلق بالأسلحة الكيميائية، وتطويرها ومن ثم استخدامها.

في العام الماضي، بعد الاعتداء في خان شيخون، نفذت الولايات المتحدة ضربة جوية استهدفت المطار المستخدم لشن ذلك الاعتداء. إلا أن الأسد ونظامه لم يتوقفا عن استخدام الأسلحة الكيميائية. وبالتالي فإن الضربات التي وجهتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا ليل أمس كانت أكبر كثيرا من الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة العام الماضي، وهدفها تحديدا أن يكون أثرها أكبر لإضعاف قدرة النظام واستعداده لاستخدام أسلحة كيميائية.

هذا العمل الجماعي يوجه رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي ولن يتحمل استخدام الأسلحة الكيميائية. كما أريد أن أوضح بأن هذا العمل العسكري الذي يهدف لردع استخدام هذه الأسلحة ليس منفردا. بل علينا مواصلة التزامنا بتسوية الصراع عموما. ويظل أفضل أمل للشعب السوري هو التوصل لحل سياسي.

إننا نريد كافة الشركاء - وخصوصا النظام وداعميه - إتاحة وصول المساعدات الإنسانية لمن هم في حاجة ماسة إليها. وسوف تواصل المملكة المتحدة سعيها لتحقيق كلا الأمرين.

لكن هذه الضربات الجوية تهدف لردع الاستخدام البربري للأسلحة الكيميائية في سورية وغيرها. وبالتالي لتحقيق ذلك، لا بد أيضا من جهود دبلوماسية أوسع - بما في ذلك استغلال كافة آليات الضغط السياسية والاقتصادية - لتقوية الأعراف الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية، وهي أعراف صمدت لنحو قرن كامل من الزمن.

ورغم أن حجم الاعتداء بغاز الأعصاب في شوارع المملكة المتحدة قبل أسابيع كان أصغر كثيرا من ذلك، فإنه جزء من نمط يدل على الازدراء بهذه الأعراف. وبالتالي بينما أن هذا العمل العسكري كان يهدف تحديدا لردع النظام السوري، فإنه يوجه أيضا رسالة واضحة لكل من يعتقد أن باستطاعته استخدام الأسلحة الكيميائية ويفلت من العقاب.

ليس هناك من قرار أصعب على أي رئيس وزراء من إرسال قواتنا للقتال - وهذه أول مرة أتخذ فيها قرارا كهذا. وكما هي الحال دائما، خدم أفراد قواتنا بلدنا بكل احتراف وشجاعة - ونحن ندين لهم بمعروف كبير.

كنا نفضل اتخاذ مسار مختلف. لكن هذه المرة لم يكن أمامنا مسار بديل.

لا يمكننا السماح بأن يصبح استخدام الأسلحة الكيميائية أمرا عاديا - لا في سورية ولا في شوارع المملكة المتحدة ولا في أي مكان آخر. وعلينا معاودة تأكيد الإجماع العالمي على عدم السماح باستخدام هذه الأسلحة.

وقد كان هذا الإجراء في المصلحة القومية لبريطانيا.

ما نتعلمه من دروس التاريخ هو أن عندما تتعرض القواعد والمعايير الدولية التي تحفظ سلامتنا للتهديد - علينا اتخاذ موقف للدفاع عنها. وهذا هو ما فعله بلدنا دائما. وهو ما سنواصل عمله مستقبلا.

تاريخ النشر 14 April 2018
تاريخ آخر تحديث 14 April 2018 + show all updates
  1. Added translation

  2. First published.