بيان شفوي للبرلمان

تصريح جستين غريننغ في البرلمان بشأن سورية

أطلعت وزيرة التنمية الدولية، جستين غريننغ، مجلس العموم على مجريات مؤتمر لندن لمساعدة سورية والمنطقة، واستجابة المملكة المتحدة للأزمة السورية، والعملية السياسية والحملة ضد داعش في سورية والعراق

The Rt Hon Justine Greening

أدلي فيما يلي بتصريح في المجلس حول مؤتمر مساعدة سورية والمنطقة، والذي استضافته المملكة المتحدة إلى جانب الكويت والنرويج وألمانيا والأمم المتحدة يوم الخميس الماضي.

مضى نحو خمس سنوات يعاني الشعب السوري خلالها من أهوال لا يسعها عقل على يد نظام الأسد، ومؤخرا على يد داعش.

وفي داخل سورية الآن 13.5 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدات، إلى جانب 4.6 مليون غيرهم أصبحوا لاجئين.

وكما رأينا خلال 72 ساعة الماضية وحدها، أثر هذه الأزمة على شعوب المنطقة فظيع وعميق.

لقد ذهبت بزيارة إلى لبنان في الشهر الماضي وتحدثت إلى لاجئين هناك، بعضهم يواجهون الشتاء الخامس وهم يعيشون في الخيام، وجميعهم حكاياتهم متشابهة. حين غادروا بيوتهم كانوا يعتقدون أنهم سيعودون في غضون أسابيع، أو ربما شهور على أبعد تقدير.

لكن طال انتظارهم إلى سنوات، وليس هناك نهاية مرئية.

استجابة المملكة المتحدة

سورية ليست فقط أكبر أزمة إنسانية في العالم وأكثرها إلحاحا. بل إن تبعاتها واسعة النطاق باتت ملموسة في أنحاء أوروبا وتلمس حياتنا نحن هنا في بريطانيا.

فقد خاطر أكثر من مليون لاجئ ومهاجر بحياتهم لعبور البحر الأبيض المتوسط في السنة الماضية. نصفهم تقريبا فروا من سفك الدماء في سورية.

وبريطانيا في طليعة الاستجابة الإنسانية للصراع في سورية منذ أن اندلع القتال فيها.

فالمساعدات المقدمة من المملكة المتحدة توفر المواد الغذائية شهريا للمحتاجين داخل سورية، إلى جانب توفير الماء النظيف والصرف الصحي لمئات آلاف اللاجئين في أنحاء المنطقة.

وجهودنا التي نبذلها استجابة للأزمة السورية منحت الناس في المنطقة الأمل في مستقبل أفضل، كما أنها تصب تماما بالمصلحة الوطنية لبريطانيا. فبدون هذه المساعدات لكان مئات آلاف آخرين من اللاجئين قد شعروا بأن لا بديل أمامهم سوى المخاطرة بحياتهم سعيا للوصول إلى أوروبا.

لكن هناك حاجة لفعل المزيد.

حيث إن نداءات الأمم المتحدة في السنة الماضية استجابة للأزمة السورية تلقت 54% فقط من الأموال – وبالتالي على دول أخرى أن تتبع خطى المملكة المتحدة وتزيد المساعدات التي تقدمها.

هذا ما دعا المملكة المتحدة لإعلان استضافتها إلى جانب آخرين لمؤتمر دولي في لندن لمساعدة سورية والمنطقة. وهذا المؤتمر متمم لثلاث مؤتمرات ناجحة عقدت في الكويت في سنوات ماضية.

مساعدة سورية والمنطقة

جمعنا يوم الخميس الماضي في لندن أكثر من 60 دولة ومنظمة، بمن في ذلك 30 من رؤساء الدول والحكومات.

وقد أعددنا الساحة للمجتمع الدولي لإحداث تغيير ملموس ودائم في حياة كافة المتضررين من هذه الأزمة – لكن يعتمد ذلك في النهاية على الخيارات.

هل باستطاعتنا رصد الرقم القياسي من المليارات اللازمة – متخطين بدرجة كبيرة ما تحقق في مؤتمرات سابقة؟ وهل يمكننا الالتزام بتلبية أكثر من مجرد الاحتياجات الأساسية للناس وتوفير حلول طويلة الأجل وقابلة للتطبيق بتوفير فرص العمل والتعليم للاجئين السوريين والدول التي تساعدهم.

اتخذ العالم خلال مؤتمر لندن الخيارات الصحيحة لفعل كل ذلك – فقد هبت دول ومانحون وشركات لرصد أموال جديدة استجابة لهذه الأزمة فاقت 11 مليار دولار (7.7 مليار جنيه استرليني). وذلك يشمل مبلغ 5.8 مليار دولار (4 مليارات جنيه) مخصص لسنة 2016، إلى جانب 5.4 مليار دولار (3.6 مليار جنيه) للسنوات 2017-2020.

كان ذلك أكبر مبلغ على الإطلاق يُرصد استجابة لأزمة إنسانية في يوم واحد. وذلك يعني أن ما رصد في أول خمسة أسابيع من السنة الحالية استجابة للأزمة السورية فاق ما جمع طوال سنة 2015 بأكملها.

وقد لعبت المملكة المتحدة هنا دورها مجددا. فقد أعلنا أننا سوف نضاعف التزاماتنا – وبالتالي رفع إجمالي ما رصدناه لسورية والمنطقة إلى أكثر من 2.3 مليار جنيه استرليني.

لقد تخطى مؤتمر لندن توفير الاحتياجات الأساسية حين أكد العالم على ضرورة عدم ضياع جيل من الأطفال السوريين، وتعهد بتوفير التعليم للأطفال داخل سورية وتعليم مليون على الأقل من الأطفال اللاجئين وأطفال المجتمعات المضيفة في المنطقة الذين لا يتوفر لهم التعليم حاليا.

ذلك استثمار ضروري ليس فقط لهؤلاء الأطفال، بل أيضا لمستقبل سورية. كما يوفر للدول التي تبدي سخاء باستضافتها للاجئين مؤقتا الاستثمار في أنظمتها التعليمية تستفيد منها على الأجل الأطول.

واتخذ مؤتمر لندن كذلك خيارا حيويا بدعمه لتوفير فرص عمل للاجئين، ودعم النمو الاقتصادي في الدول المضيفة لهم.

نأمل أن تؤدي هذه الالتزامات الدولية مع تركيا ولبنان والأردن إلى توفير ما لا يقل عن مليون فرصة عمل في الدول المجاورة لسورية لكي تتوفر فرص المعيشة للاجئين. كما إن من شأن ذلك أن يوفر فرص عمل للمواطنين المحليين ويكون له أثر طويل لتحقيق النمو الاقتصادي.

باختيارنا تبني تلك الخيارات فإننا نستثمر فيما يعتبر، بصورة غالبة، الخيار الأول للاجئين السوريين: البقاء في المنطقة قريبا من بلدهم وعائلاتهم مازالت فيه. وإن استطعنا إعطاء الأمل للسوريين بأن سيكون مستقبلهم أفضل وهم في المنطقة، فإن من الأقل احتمالا أن يشعروا بأن لا خيار أمامهم سوى المضي في رحلة محفوفة بالمخاطر متجهين إلى أوروبا.

أود أن أتوجه بالشكر إلى كافة موظفي وزارتي ووزارة شؤون مجلس الوزراء ووزارة الخارجية ووزارة الأعمال الذين عملوا دون كلل كفريق واحد لتنظيم هذا المؤتمر الحيوي الناجح.

ليس من المعتاد أن يتلقى موظفون الشكر الذي أعتقد أنهم يستحقونه، لكنني أردت هذه المرة تسجيل شكري لهم.

العملية السياسية

لقد عرض العالم رؤية بديلة من الأمل لكافة المتضررين من هذه الأزمة، لكن السلام وحده هو الكفيل بأن يعيد للشعب السوري مستقبله.

إن تشكيل مجموعة الدعم الدولية لسورية في نهاية سنة 2015 كان خطوة هامة على سبيل التوصل لتسوية سياسية للصراع. وقد جمعت المعارضة السورية صفوفها لتشكيل الهيئة العليا للمفاوضات لأجل الدخول في مفاوضات مع النظام حول عملية الانتقال السياسي، وأطلقت الأمم المتحدة محادثات تقريب وجهات النظر بين الأطراف السورية في يناير (كانون الثاني).

لكن اتخذ مبعوث الأمم المتحدة لسورية قرار وقف هذه المحادثات مؤقتا بعد أن كثف نظام الأسد الضربات الجوية والعنف، بدعم من روسيا.

وتواصل المملكة المتحدة مطالبة كافة الأطراف باتخاذ خطوات لتهيئة الظروف لأجل استمرار مفاوضات السلام. وعلى روسيا تحديدا ممارسة نفوذها على النظام لوقف الهجمات العشوائية والانتهاكات غير المقبولة للقانون الدولي.

كما إن الأسد وأطراف أخرى في الصراع يتعمدون عرقلة وصول المساعدات في أنحاء سورية، وبشكل يومي. إن استخدام التجويع كسلاح حرب عمل وحشي وغير مقبول وغير قانوني.

وقد طالب قادة العالم خلال مؤتمر لندن إنهاء هذه الانتهاكات، بما فيها فرض الحصار وعرقلة وصول المساعدات.

لقد زاد مؤتمرنا في لندن الموارد التي ستتوفر لتقديم مساعدات إنسانية منقذة للأرواح. ولا بد من السماح بوصول هذه المساعدات للمحتاجين إليها نتيجة الصراع السوري، أينما كانوا.

الحملة ضد داعش

أود أيضا أن أنتهز هذه الفرصة لإطلاع المجلس على مستجدات الحملة ضد داعش في العراق وفي سورية.

منذ أن أطلع وزير الخارجية المجلس مؤخرا على تطورات الحملة ضد داعش في سورية والعراق، استطاع التحالف العالمي، بالعمل مع قوات شريكة، ممارسة مزيد من الضغوط على داعش.

حيث استطاعت القوات العراقية، بدعم من التحالف، استرداد مساحات كبيرة من الرمادي. وفي سورية ساعد التحالف في السيطرة على سد تشرين والقرى المحيطة، إلى جانب السيطرة على جنوب الهول.

والمملكة المتحدة تلعب دورها في ذلك. فقد نفذت طائرات سلاح الجو الملكي من نوع تايفون وتورنيدو وريبر أكثر من 2,000 مهمة قتالية منذ 5 فبراير (شباط)، إلى جانب تنفيذ أكثر من 585 ضربة جوية ناجحة في أنحاء سورية والعراق.

كما إننا نقود الجهود لفرض عقوبات على من يتاجرون مع داعش أو يدعمونه. وقد حصل رئيس الوزراء على موافقة المجلس الأوروبي في شهر ديسمبر (كانون الأول) بشأن تجميد أموال واتخاذ غير ذلك من التدابير المقيدة.

الختام

المملكة المتحدة رائدة في توفير الأموال منذ أول يوم لاندلاع الأزمة، وتساهم في بلورة الاستجابة الدولية لها. وقد دأبنا على تغيير استجابتنا لهذه الأزمة المعقدة جدا كلما طرأ تغيير فيها.

لن تنتهي المعاناة إلا حين الوصول إلى حل سياسي.

وقد كان مؤتمر سورية، الذي استضافته المملكة المتحدة وآخرون هنا في لندن، لحظة محورية للاستجابة على الأقل لاحتياجات المتضررين من الأزمة واحتياجات الدول المتضررة. وانتهزنا هذه الفرصة لمنح الأمل بمستقبل أفضل للشعب السوري والأطفال السوريين.

وسوف تكون المملكة المتحدة الآن بالطبع في صميم جهود تحويل ذلك الطموح إلى واقع ملموس، وضمان الإيفاء بوعد المجتمع الدولي للشعب السوري.

ذلك هو عين الصواب لمساعدة من يعيشون المعاناة، كما أنه أساسا عين الصواب بالنسبة لبريطانيا أيضا.

تاريخ النشر 8 February 2016