بيان شفوي للبرلمان

إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: تصريح وزير الخارجية، 20 مايو 2025

تصريح وزير الخارجية، ديفيد لامي، أمام مجلس العموم بشأن الوضع في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أعلن وقف المفاوضات مع حكومة نتنياهو بشأن اتفاقية للتجارة الحرة.

The Rt Hon David Lammy MP

بالإذن، السيدة نائب الرئيس، سوف أدلي بتصريح بشأن إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

في عطلة نهاية هذا الأسبوع، بدأت الجيش الإسرائيلي عملية برية جديدة وموسعة في أنحاء غزة، عملية عربات جدعون. وتعمل هناك الآن خمسة فرق إسرائيلية.

ويقول رئيس الوزراء نتانياهو إنهم سوف يسيطرون على القطاع، سامحين بدخول أدنى حد فقط من الغذاء إلى أهل غزة. وهنا أقتبس ما قاله رئيس الوزراء نتانياهو - “ما يكفي فقط لمنع الجوع”.

دخل غزة أقل من عشر شاحنات بالأمس. وأصدرت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تحذيرات صارخة بشأن خطر حدوث مجاعة قد تحيق بمئات الآلاف من المدنيين. السيدة نائب الرئيس، هذا أمر بشع.

فالمدنيون في غزة الذين يتعرضون لشبح المجاعة، والتشرد، والصدمات النفسية، وبحاجة شديدة لانتهاء هذه الحرب، يواجهون الآن القصف والتهجير والمعاناة من جديد. ومَن تبقَّى من الرهائن الذين تحتجزهم حماس بعيدا عن أحبائهم لما يقارب ستمئة يوم يتعرضون الآن لمزيد من خطر الحرب من حولهم.

لقد انهار اتفاق وقف إطلاق النار قبل شهرين. ومنذ ذلك الحين والكارثة الإنسانية تتفاقم بسرعة.

إذ تحاصر القوات الإسرائيلية غزة لمدة أحد عشر أسبوعا، الأمر الذي ترك برنامج الأغذية العالمى بلا أي مخزون متبقي. كما تُكَرَّر إسرائيل قصفها للمستشفيات، وهو ما أدى إلى توقف عمل ثلاثة مستشفيات أخرى في شمال غزة في عطلة نهاية هذا الأسبوع.

كذلك قُتل المزيد من العاملين في مجال الإغاثة والخدمات الطبية. وذلك بعد أن تبيّن أن العام الماضي كان العام الأكثر فتكا بالموظفين في العمل الإنساني.

كما إن جمود المفاوضات الدبلوماسية بين إسرائيل وحماس ازداد حدة للأسف. فرغم الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر - والتي نؤيدها بالطبع - لم ينبثق عنها وقف لإطلاق النار.

ونحن نكرر طلبنا بأن تفرج حماس عن كل الرهائن فورا وبدون شروط، ونشدد مجددا أن لا يمكن أن تستمر حماس في إدارة غزة.

إننا ندخل الآن مرحلة جديدة مظلمة في هذا الصراع. إذ تخطط حكومة نتانياهو لتهجير أهل غزة عن منازلهم ودفعهم في ركن من القطاع بالجنوب، وتسمح لهم بقدر ضئيل من المعونات التي يحتاجون إليها.

بل إن الوزير سموتريتش تحدث بالأمس عن “تطهير” القوات الإسرائيلية لقطاع غزة و”تدمير ما تبقَّى منها”، وأن الفلسطينيين المقيمين سيجري “ترحيلهم إلى بلد ثالث”.

يجب أن نصف ذلك بما هو فعلا. إنه تطرف. إنه خطير. إنه بغيض. إنه فاحش. وأنا أدينه بأشد لهجة ممكنة.

السيدة نائب الرئيس، لقد عانت إسرائيل من هجوم بشع في السابع من أكتوبر، ولطالما ساندت الحكومة البريطانية حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وأدنَّا حماس ومعاملتها البشعة للرهائن. كما ساندنا العائلات وطلبنا الإفراج عن أحبائهم.

إلا أن التهجير المخطط له لأعداد هائلة من أهل غزة ليس له مبرر أخلاقي، وغير متناسب كليةً، بل ويفضي إلى نتائج عكسية بكل معنى الكلمة. ومهما كانت مزاعم الوزراء الإسرائيليين، هذا ليس هو السبيل لإعادة الرهائن إلى وطنهم بأمان.

لقد أُفرج عن كل الرهائن تقريبا من خلال المفاوضات، لا بالقوة العسكرية. ولهذا السبب تعارض عائلات الرهائن - والعديد من الإسرائيليين الآخرين - هذه الخطة بكل قوة.

كذلك فإن هذه الخطة لن تقضي على حماس، أو تحقق الأمن لإسرائيل. لقد تركت هذه الحرب جيلا من الأيتام وضحايا الصدمات النفسية، متأهبين لكي تجندهم حماس. وكما تعلَّمنا من تجربة إيرلندا الشمالية، لا يمكن دحر الإرهابيين وأيديولوجياتهم المنحرفة بمجرد الاعتماد على القوة العسكرية. بل لا بد من تقديم بديل سياسي قابل للتطبيق. ومعارضة التوسع في حرب تقتل آلاف الأطفال ليست مكافأة لحماس.

السيدة نائب الرئيس، منذ تولي حكومتنا مهامها ونحن نبذل الجهود المتضافرة بشأن غزة.

فقد استأنفنا تمويل وكالة الأونروا. وأيَّدنا استقلالية المحاكم الدولية. وعلَّقنا تراخيص تصدير الأسلحة. وقدَّمنا المواد الغذائية والرعاية الطبية إلى مئات الآلاف من أهل غزة. كما عملنا مع الشركاء العرب لوضع خطة لضمان ألا يكون لحماس دور بعد الآن في غزة بعد إعادة إعمارها.

ومنذ أن استأنفت إسرائيل هجماتها ضد غزة، طلبت حكومتنا من إسرائيل أن تغير مسارها. وفي حواراتي الخاصة مع وزير الخارجية ساعر ووزير الشؤون الاستراتيجية ديرمر، وفي تصريحاتنا العلنية والبيانات المشتركة المتكررة مع نظرائنا الفرنسيين والألمان، أعربنا بوضوح أن أفعال إسرائيل لا يمكن التسامح حيالها.

كما أثرنا المسائل التي تدعو لقلقنا في مجلس الأمن وأمام محكمة العدل الدولية. وبالأمس، انضم رئيس الوزراء لرئيس فرنسا ورئيس وزراء كندا في بيان مشرك قوي يعارض التوسع في العمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل. وأصدرت المملكة المتحدة بيانا مشتركا آخر مع سبعة وعشرين شريكا لانتقاد آلية جديدة اقترحتها إسرائيل لتقديم المساعدات، والدفاع عن المبادئ الإنسانية الأساسية للمنظومة الدولية التي بذلت المملكة المتحدة الكثير من الجهد أساسا لإنشائها.

رسالتنا واضحة. هناك خطة للأمم المتحدة جاهزة لتقديم مساعدات بكميات كبيرة، مساعدات توجد حاجة إليها، مع تقليل مخاطر تحويل مسارها. وهناك موظفون في العمل الإنساني يتحلون بالشجاعة ومتأهبون لأداء عملهم. وهناك 9,000 شاحنة على الحدود. رئيس الوزراء نتانياهو: ضع حدا لهذا الحصار الآن، واسمح بدخول المساعدات.

للأسف، رغم الجهود التي نبذلها، فإن هذه الحكومة الإسرائيلية تتمادى في ارتكاب أفعالها السافرة وترديد خطابها. وهي تعزل إسرائيل عن أصدقائها وشركائها في أنحاء العالم. وتقوض مصالح الشعب الإسرائيلي. وتضر بصورة دولة إسرائيل في عيون العالم.

وإني لأجد هذا مؤلما أشد الألم، باعتبارنا أصدقاء دائمين لإسرائيل، ولإيماننا بالقيم المذكورة في إعلان استقلالها.

وكما قال بالأمس رئيس الوزراء ونظيراه الزعيمان، فإننا لا نستطيع الوقوف مكتوفي الأيدي أمام هذا التدهور الجديد. فهو يتعارض مع المبادئ التي تأسست عليها علاقتنا الثنائية. وهو مرفوض من أعضاء هذا المجلس. وبصراحة، هو امتهان لقيم الشعب البريطاني.

لذلك فإني أعلن اليوم أننا علقنا المفاوضات مع هذه الحكومة الإسرائيلية بشأن اتفاقية جديدة للتجارة الحرة. وسوف نراجع التعاون معها في إطار خارطة الطريق الثنائية لعام 2030.

فقد دفعت أفعال حكومة نتانياهو بضرورة اتخاذ هذه الخطوات. واليوم يستدعي زميلي وزير شؤون الشرق الأوسط السفيرة الإسرائيلية إلى وزارة الخارجية لنقل هذه الرسالة.

وأقول الآن للشعب الإسرائيلي: نحن نريد، أنا أريد، صداقة قوية معكم تستند إلى قيمنا المشتركة، إلى جانب روابط متنامية بين شعبينا ومجتمعينا. ونحن راسخون في التزامنا بأمنكم ومستقبلكم، وبمواجهة الخطر الحقيقي الذي تشكله إيران، وبلاء الإرهاب، وشرور معاداة السامية.

لكن الحرب على غزة تفسد علاقتنا مع حكومتكم. وكما قال رئيس وزرائنا، إذا واصلت إسرائيل هذه العمليات العسكرية العدوانية كما هددت، إلى جانب عدم ضمانها تقديم المساعدات دون عوائق، فإننا سنتخذ إجراءات أخرى ردا على ذلك.

المملكة المتحدة لن تتخلى عن حل الدولتين. بحيث يعيش الإسرائيليون في نطاق حدود آمنة، معترف بهم وفي سلام مع جيرانهم، بعيدا عن تهديد الإرهاب. ولكي يعيش الفلسطينيون في دولتهم، في كرامة وأمن، وبدون احتلال.

ويبقى حل الدولتين الإطار المثالي، بل إنه الإطار الوحيد، لإحلال سلام عادل ودائم. لكن، كما يعلم المجلس، فرص نجاحه في خطر.

في خطر ليس بسبب الحرب في غزة فحسب، بل أيضا بسبب انتشار المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بتأييد صريح من هذه الحكومة الإسرائيلية.

إذ تُعقد الآن اجتماعات أسبوعية لاعتماد إنشاء مستوطنات جديدة. وازداد معدل الموافقة على بناء المستوطنات في الوقت الذي تشتد حدة فيه العنف الذي يرتكبه المستوطنون. وفي هذا المقام أيضا، اتخذنا ما يلزم بالضغط بصورة متكررة لتغيير هذا المسار والتوجه، بفرض عقوبات على سبعة كيانات في أكتوبر الماضي، وبتوقيع اتفاق بارز لتعزيز دعمنا للسلطة الفلسطينية، عندما زار رئيس الوزراء مصطفى لندن في الشهر الماضي.

ولكن علينا عمل المزيد في هذا الإطار أيضا. لذلك نفرض اليوم عقوبات على ثلاثة أفراد آخرين وأربعة كيانات أخرى ضالعة في حركة المستوطنين.

فقد رأيت بنفسي عواقب العنف الذي ارتكبه المستوطنون. الخوف الذي يشعر به ضحايا هذا العنف. وإفلات مرتكبيه من العقاب. واليوم، نبرهن مجددا بأننا سنواصل الوقوف ضد الذين يرتكبون هذه الانتهاكات البشعة لحقوق الإنسان.

السيدة نائب الرئيس، رغم بصيص الأمل الي شهدناه لدى وقف إطلاق النار في يناير، قد ازدادت وطأة المعاناة من هذه الحرب. ولكن اتفاق يناير أبرز إمكانية وجود مسار آخر.

نحث حكومة نتانياهو على اختيار هذا المسار. العالم يحكم عليهم. والتاريخ سيحكم عليهم. منع المساعدات، والتوسع في الحرب، وتجاهل المسائل التي تدعو للقلق التي أثارها أصدقاؤكم وشركاؤكم: هذه أفعال لا تُغتفر، ولا بد أن تتوقف.

أعهد للمجلس بهذا التصريح.

Updates to this page

تاريخ النشر 20 مايو 2025