بيان شفوي للبرلمان

التسوية السياسية للحرب في اليمن: بيان وزير الخارجية

أدلى وزير الخارجية، جيريمي هنت، ببيان في مجلس العموم حول كيفية استمرار المملكة المتحدة في الاستعانة بكل ما لديها من سبل دبلوماسية وإنسانية للمساعدة في تسوية هذا الصراع الفظيع.

Foreign Secretary Jeremy Hunt giving a statement on Yemen in the House of Commons

السيد الرئيس، اسمحوا لي بأن أدلي ببيان حول السعي إلى تسوية سياسية للحرب في اليمن. ففي الأسبوع الماضي، عقد الحوثيون وحكومة اليمن أول محادثات سلام مباشرة بينهما منذ عام 2016. وقد توصلت المفاوضات في ستوكهولم إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الساحلية وإعادة انتشار متبادل للقوات، تحت رقابة الأمم المتحدة.

في الوقت الذي نتطلع فيه إلى الاحتفال بعيد الميلاد المجيد، فإن شعب اليمن يعاني من واحدة من أسوء الأزمات الإنسانية في العالم. حيث الجوع والمرض يعصفان بمناطق واسعة من البلاد: فقد تم علاج 420,000 طفل من سوء التغذية؛ بينما تضوّر ما يقرب من 85 ألفاً جوعًا حتى الموت.

واليوم، هناك 24 مليون يمني – أي أكثر من 85 بالمئة من السكان - بحاجة إلى المساعدة.

ومن وراء هذه الأرقام الحسابيّة المذهلة، يكمن بشرٌ من لحم ودم - رجالٌ ونساءٌ وأطفال – لهم آمالهم وأحلامهم التي لا تختلف عن آمالنا وأحلامنا.

ومحنتهم ليست نتيجة لكوارث طبيعية أو حظ متعثر. بل إن معاناتهم بلاء من صنع الإنسان، فرضته حربٌ مزقت البلاد وتسببت في وقوع سكانها في براثن الفقر المدقع.

ومن هنا نشأت الحاجة الملحة لتسوية هذا الصراع بأسرع ما يمكن.

ولقد بذلت بريطانيا، منذ البداية، كل جهد لتشجيع الوصول إلى حل سياسي.

وفي الشهر الماضي، سافرتُ إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين تقودان التحالف الذي يقاتل لاستعادة الحكومة الشرعية في اليمن. وبعد ذلك زرت إيران، التي تدعم المسلّحين الحوثيين.

وفي كل من هذه العواصم، عملت على حثِّ نظرائي على استغلال كل ما لديهم من نفوذ للمساعدة في جلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات. وفي أعقاب زيارتي إلى المنطقة، جرى الاتفاق على إخلاء 50 جريحا من الحوثيين من اليمن ونقلهم إلى عُمان، وكان هذا بمثابة إجراء لبناء الثقة الهدف منه التمهيد لمحادثات السلام.

وفي 19 نوفمبر، أوعزتُ إلى بعثتنا في الأمم المتحدة كي توزع مشروع قرار في مجلس الأمن، تأكيداً من جديد على الحاجة إلى تسوية سياسية، وللمطالبة بوصول المواد الغذائية والطبية بلا عراقيل إلى كل أنحاء اليمن.

وفي 6 ديسمبر، بدأت محادثات سلام في ستوكهولم، بوساطة مارتن غريفيثس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة. وقد توجهتُ بنفسي إلى ستوكهولم يوم الأربعاء، والتقيت في اليوم التالي بقادة الوفديْن. وكنت بذلك أول وزير بريطاني يلتقي بممثلي الحوثيين.

ولقد شجعت الطرفين على اغتنام الفرصة للتوصل إلى اتفاقات تؤدي إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني، وتقرّبهم من غاية هدف نهاية للحرب.

وقد اختتمت المحادثات يوم الخميس الماضي، باتفاق الطرفين على الاجتماع مرةً أخرى في شهر يناير، وعلى بناء الثقة بينهما من خلال إطلاق سراح الآلاف من المعتقلين.

ولسوف يلاحظ أعضاء المجلس أهمية الاتفاق على وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة. فهذا الميناء هو شريان حياة اليمن، وهو المَعبر لدخول ما لا يقل عن 70% من واردات البلاد الغذائية.

وقد بدأ سريان مفعول وقف النار في ميناء الحديدة وفي المدينة نفسها عند منتصف ليلة أمس (الثلاثاء)؛ وصرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص بأنه يبدو صامدا كما يظهر. وإذا ما استمر نجاح وقف النار، وإذا نجحت الأمم المتحدة في زيادة دخول المساعدات عبر الميناء، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى خفض مستوى المعاناة. وقد عملتُ على حث كل الأطراف على الالتزام بالبنود التي اتفقوا عليها في ستوكهولم الأسبوع الماضي حتى يمكن لنا أن نتوصل إلى حلٍّ سياسي لهذا الصراع المدمِّر.

وفي أعقاب محادثات ستوكهولم، تحدثت حول الخطوات القادمة مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزيري خارجية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقبل ذلك كنت قد ناقشت الوضع مع وزير الخارجية الأمريكي بومبيو.

وبناء على هذه المشاورات – والنجاح الذي حققته محادثات السلام – أوعزت إلى بعثتنا في نيويورك كي تستأنف التنسيق مع الشركاء في مجلس الأمن حول مشروع قرارنا، بهدف تبنيه لاحقا هذا الأسبوع. وسنطلب من مجلس الأمن التصويت على مشروع القرار في غضون 48 ساعة.

يهدف نص المشروع البريطاني إلى الاستفادة من الزخم الذي تحقق في ستوكهولم بالتصديق على الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين الطرفين، ومن ثمّ تخويل الأمم المتحدة بمراقبة تطبيقها، واتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف حدّة الأزمة الإنسانية.

هدفنا هو حشد الثقل الجماعي للأمم المتحدة دعماً لما تحقق من تقدم.

إنني ممتنٌ للسيد مارتن غريفيثس لما بذله من جهود مضنية لا يمكن وصفها إلا بالعمل البطولي. وإنني أقِرّ أيضا بجدّية نوايا المفاوضين من كلا الطرفين والذين التقيتهم في ستوكهولم الأسبوع الماضي.

كما أقدّم شكري إلى الدبلوماسيين البريطانيين، سواء من كان منهم في المنطقة أو هنا بوزارة الخارجية في لندن، الذين عملوا بكل جهد ومثابرة خلف الكواليس للجمع بين الطرفين.

لقد تمكنت بريطانيا من لعب هذا الدور بفضل شبكتنا من الصداقات، بما في ذلك شراكتنا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ولأننا بلد لا يتوانى عن تحمل مسؤولياته.

ورغم أن المجلس يمكن أن يستمد التفاؤل من التطورات الأخيرة، إلا أنني لا أرغب في إعطاء أمل قد لا يكون في محلّه. فقد يطرأ تراجع على ما تحقق من خطوات إيجابية، فوقف إطلاق النار ما زال هشاً للغاية.

وما زال هناك العديد من المشاكل المعقدة الصعبة التي يتعيّن معالجتها، ناهيك عن حلها. ولا يزال شعب اليمن يحمل العبء الثقيل من المعاناة.

وعلى الرغم من أننا نرى بعض الضوء في نهاية النفق، إلا أن اليمن لا يزال في النفق نفسه.

وسوف تواصل سوف تواصل بريطانيا، على مدى أي وقت يلزم، استغلال كل ما لديها من السبل الدبلوماسية والإنسانية للمساعدة في تسوية هذا الصراع الفظيع. ذلك أن قيمنا لا تقبل أقلّ من ذلك.

تاريخ النشر 19 December 2018