تصريح وزير الخارجية في البرلمان بشأن الشرق الأوسط
أدلى وزير الخارجية بتصريح في البرلمان في الأول من سبتمبر 2025 بشأن الوضع في غزة، وفي الضفة الغربية، والاعتراف بدولة فلسطين، وبشأن برنامج إيران النووي.

بالإذن السيدة نائب الرئيس، سوف أدلي بتصريح بشأن الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الوضع على الأرض كئيب بشكل لا يُعقل.
صور وأنباء مروعة سوف تُحفر في أذهان الزملاء في هذا المجلس.
إنها صور وأنباء من شبه المستحيل وصفها بكلمات.
لكن يمكننا، بل ويجب علينا، أن نصفها بدقة بكلماتنا.
لأن في 22 أغسطس/آب، أكدت آلية التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، التي تدعمها الأمم المتحدة، ما نشهده أمامنا.
إنها مجاعة. مجاعة في مدينة غزة.
مجاعة في المناطق المحيطة بها وفي جوارها، وتنتشر الآن في القطاع الأوسع.
مجاعة، في حال عدم السيطرة عليها، سوف تتفاقم إلى حالة من الجوع واسع الانتشار.
هذا كان متوقعا.
إنها النهاية الرهيبة للعقبات التي دأبنا على التحذير بشأنها طوال أكثر من ستة شهور.
منذ الأول من يوليو/تموز، توفي ما يربو على 300 شخص بسبب سوء التغذية، بمن فيهم 119 طفلا.
وما يفوق 132,000 طفل تحت سن الخامسة من العمر معرضون للموت بسبب الجوع بحلول يونيو/حزيران من السنة القادمة.
هذه ليست كارثة طبيعية.
بل هي مجاعة من صنع الإنسان، في القرن الحادي والعشرين.
كم يُغضبني رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية.
إننا في حاجة لاستجابة إنسانية هائلة، هائلة، لمنع وقوع مزيد من الوفيات، والسماح لمنظمات غير حكومية وموظفي إغاثة وطواقم الرعاية الصحية بأداء عملهم، والسماح بدخول أكوام المساعدات الموجودة على حدود غزة.
نتيجة ذلك، أكثر من ألفيّ غزّيّ قُتلوا في الشهور الثلاثة الماضية أثناء سعيهم لإطعام عائلاتهم.
وحركة حماس نفسها تستغل الفوضى الحاصلة وتتعمد تجويع الرهائن الإسرائيليين لتحقيق غايات سياسية بغيضة.
أعلم أن كلمات الإدانة هذه، التي يتردد صداها في المجالس التشريعية في أنحاء العالم، لا تكفي.
لكن ما من شك بأننا تصرفنا، كبلد، حيثما كان ذلك في استطاعتنا.
فقد استأنفنا تمويل الأونروا.
وعلقنا صادرات الأسلحة التي يمكن استخدامها في غزة.
ووقعنا اتفاقية بارزة مع السلطة الفلسطينية.
ودافعنا عن استقلالية المحاكم الدولية.
وفرضنا ثلاث مجموعات من العقوبات، ثلاث، على المستوطنين العنيفين وعلى وزيريْن إسرائيلييْن متطرفيْن بسبب التحريض.
وعلقنا المفاوضات التجارية مع الحكومة الإسرائيلية.
ونحن في صدارة جهود المجتمع الدولي للتخطيط لسلام مستقر بعد الحرب.
كما قدمنا أكثر من 250 مليون جنيه إسترليني من المساعدات الإنمائية طوال السنتين الماضيتين.
واليوم سوف نقدم أكثر من ذلك.
إنني أعلن تقديم مبلغ إضافي قدره 15 مليون جنيه إسترليني من المساعدات والرعاية الطبية لقطاع غزة والمنطقة. ونحن مستمرون في العمل، إلى جانب شركائنا في المنطقة، بمن فيهم مصر والأردن، بالطبع، لتمكين الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من ضمان وصول المساعدات للمحتاجين إليها.
وفي غزة أطباء شجعان يقولون لنا بأن الإمدادات الطبية الضرورية بدأت تنفد، وبأنه لم يعد باستطاعتهم إجراء عمليات آمنة.
لهذا السبب فإننا نمول منظمة UK-Med الخيرية الطبية، التي عالجت مستشفياتها الميدانية ما يربو على 600,000 من أهالي غزة.
ولهذا السبب نمول أيضا منظمة الصحة العالمية في مصر لمعالجة آلاف الغزيين الذين جرى إجلاؤهم لتلقي العلاج.
وفي غضون ذلك، مثلما قالت وزيرة الخارجية، نعمل مع منظمة الصحة العالمية لإخراج أطفال مصابين أو يعانون من حالات صحية حرجة لتلقي العلاج في المملكة المتحدة، حيث سوف يحصلون على رعاية صحية تخصصية في مستشفيات الهيئة البريطانية للرعاية الصحية.
ومن المنتظر وصول أول المرضى إلى المملكة المتحدة في الأسابيع القادمة.
عملية إخراج أشخاص من منطقة حرب معقدة وخطيرة. فهي تعتمد كليا على صدور تصاريح إسرائيلية.
بالتالي فإنني أضغط على الحكومة الإسرائيلية لأجل حدوث ذلك في أسرع وقت ممكن.
وكما أعلنت وزيرة الداخلية في وقت سابق اليوم، فإننا نساعد كذلك عددا من الطلاب البارعين الذين حصلوا على بعثات تشيفننغ للخروج من غزة، لكي يتمكنوا من شغل مقاعدهم في الجامعات البريطانية في السنة الأكاديمية القادمة.
أدرك بأن ذلك لا يمثل سوى لمسات بسيطة في مواجهة هذه الكارثة.
وكلنا نعلم أن هناك سبيل واحد للخروج منها.
وقف إطلاق النار فورا.
وقف إطلاق نار فوري يشهد إفراج حماس غير المشروط عن كل الرهائن.
وقف إطلاق نار فوري يشهد تحوّلا كبيرا في إدخال المساعدات.
نحن نعلم ذلك.
وحلفاؤنا الأمريكيون والأوروبيون يعلمون ذلك.
وشركاؤنا الخليجيون يعلمون ذلك.
وإنني أعمل ليل نهار معهم للتوصل لوقف إطلاق النار وعملية سياسية أوسع لإحلال سلام طويل المدى.
وليكون وقف إطلاق النار دائما، نحتاج إلى آلية للمراقبة، نحتاج إلى نزع سلاح حماس، وإلى إطار جديد للحوكمة في غزة.
هذا هو محور تركيز الجهود الدبلوماسية المكثفة التي نبذلها في المنطقة.
وعلى النقيض من ذلك، فإن توسيع العمليات الإسرائيلية في غزة لن يؤدي سوى لإطالة وتعميق الأزمة.
لذا فإننا وشركاؤنا نطالب بوقف فوري لهذه العمليات.
فكل أسبوع يحمل أهوالا جديدة.
والضربة المزدوجة التي استهدفت مستشفى ناصر في الأسبوع الماضي – وهو واحد من أواخر المرافق الصحية الكبيرة المتبقية في غزة – تسببت في مقتل 20 شخصا، بمن فيهم خمسة صحفيين.
أُذكّر إسرائيل مرة أخرى بأن القانون الدولي يُلزم بحماية الطواقم الطبية والصحفيين والمدنيين.
هذه الأفعال لن تفضي إلى إنهاء الحرب.
وهي لن تعيد الرهائن إلى عائلاتهم، ناهيك عن جعلهم أكثر أمانا – مثلما أدركت عائلات الرهائن.
بل سوف تزرع اليأس والغضب في المنطقة لأجيال قادمة.
وفي الضفة الغربية، تُضيّق الحكومة الإسرائيلية قبضتها على الاقتصاد الفلسطيني. وهي مستمرة في الموافقة على بناء مستوطنات غير قانونية، مؤخرا في المنطقة E1 في شرق القدس.
ذلك سوف يشكل عائقا ماديّا أمام وجود دولة فلسطينية متصلة الأراضي.
وهذا يجب ألا يحدث أبدا.
السيدة نائب الرئيس، في يوليو/تموز شرحتُ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عزمنا على الاعتراف بدولة فلسطين في وقت لاحق من الشهر الجاري، ما لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية خطوات لوضع نهاية للوضع الفظيع في غزة، وتلتزم بسلام مستدام طويل المدى.
هذا الالتزام هو استجابة للأزمة الحالية، لكنه نابع عن مسؤوليتنا التاريخية تجاه أمن المنطقة، ويعود إلى أكثر من قرن، إلى وعد بلفور.
وكما قلت في نيويورك في الشهر الماضي، أفتخر جدا بأن وزير خارجية بريطاني هو من ساعد في تأسيس وطن للشعب اليهودي.
لكن ذلك الوعد نفسه نص على علد الإتيان بأي عمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية للشعب الفلسطيني.
تلك الحقوق مهددة اليوم أكثر من أي وقت مضى في القرن الماضي.
ولمن يقولون بأن الاعتراف يكافئ حماس أو يهدد أمن إسرائيل – إنه لن يؤدي لأي من هذين الأمرين.
بل الاعتراف جذوره راسخة في مبدأ حل الدولتين الذي ترفضه حماس.
موقفنا واضح بأن أي دولة فلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح.
وبالتأكيد، الرئيس عباس أكد ذلك خطيا.
لا نرى أي تناقض بين حل الدولتين والتزامنا العميق تجاه أمن إسرائيل. لأن الأمن يأتي من استقرار الحدود، وليس من الاحتلال إلى ما لا نهاية.
السيدة نائب الرئيس، قبل أن أختم تصريحي، أود أيضا أن أُطلع المجلس أيضا على المستجدات بشأن إيران.
في 28 أغسطس/آب أطلقنا، إلى جانب فرنسا وألمانيا، آلية تفعيل بند إعادة فرض العقوبات على إيران، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231.
هذا يعني أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق [جديد] في غضون 30 يوما، سوف يعاد فرض العقوبات التي كانت قد رُفعت بموجب الاتفاق النووي مع إيران – خطة العمل الشاملة المشتركة.
هذه العقوبات الواسعة تشمل حظرا شاملا على الأسلحة، وقيودا على برنامجها النووي والصاروخي وبرنامج صناعة الطائرات المسيرة.
هذا قرار اتخذناه بعد دراسة مستفيضة.
طوال سنوات كثيرة عملنا مع شركائنا الدوليين لمنع إيران من تطوير سلاح نووي. والاتفاق في 2015 كان الغرض منه ذلك تحديدا.
إلا أن إيران قوّضت ذلك الاتفاق مرارا وتكرارا.
ومخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ الآن 40 ضعف الحد المسموح بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة.
لكن رغم هذا التصعيد، بذلنا كل الجهود الممكنة على مدى سنوات من المفاوضات لحمل إيران على العودة إلى الامتثال.
وهذه الجهود استمرت في الشهور الأخيرة. وقد أهبت بوزير الخارجية عراقجي خفض التصعيد واختيار الدبلوماسية.
وفي يوليو/تموز، عرضنا على إيران منحها مزيدا من الوقت إن وافقت على العودة للمفاوضات مع الولايات المتحدة، واستئناف السماح بالكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المواقع.
وفي الشهر الماضي، حذرتُ إيران بأن الوقت قصير، وبأن ليس أمامنا خيار سوى تفعيل بند إعادة فرض العقوبات.
ويؤسفني القول بأن إيران لم تمتثل لالتزاماتها القانونية، ولم تختر سبيل الدبلوماسية.
لذا لم يكن أمامنا خيار سوى التصرف.
لطالما قلت بوضوح بأنني لن أسمح بانتهاء سريان آلية تفعيل بند إعادة فرض العقوبات دون التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام.
ولن يكون مقبولا سقوط هذه القضية من جدول أعمال مجلس الأمن، رغم التهديد الذي يشكله برنامج إيران النووي.
لكن تفعيل بند إعادة فرض العقوبات ليس نهاية الدبلوماسية، وهذا ما أكده أيضا وزير الخارجية الأمريكي روبيو مؤخرا. فما زال باستطاعة إيران الوفاء بشروطنا.
يمكنها استئناف السماح بالكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة المواقع، ويمكنها تبديد مخاوفنا بشأن مخزونها وعمليات التخصيب، والعودة للمفاوضات.
وسوف أواصل، إلى جانب شركائنا، حث إيران على اختيار هذا المسار.
السيدة نائب الرئيس، في أسوأ الأوقات، سوف تواصل حكومتنا اتخاذ كل الخطوات التي في استطاعتنا، لتخفيف المعاناة، والمساعدة في وضع نهاية للصراع في المنطقة، ولتهيئة الظروف لإحلال السلام والأمن للمدى الطويل.
إننا لن نرتاح إلى يتحقق وقف إطلاق النار في غزة، وعودة الرهائن، ويصل فيض من المساعدات إلى من هم في حاجة ماسة إليها.
ورغم العقبات التي أمامنا، سوف نعمل مع شركائنا للحفاظ على حل الدولتين.
أعهد بهذا التصريح إلى المجلس.