مقال مؤلَّف

’بوصفي صديقاً لإسرائيل، أحثكم على عدم الضم‘: رئيس الوزراء بوريس جونسون

مقال كتبه رئيس الوزراء، بوريس جونسون، يجدد فيه تأكيد معارضة المملكة المتحدة لقرار إسرائيل ضم أراضٍ في الضفة الغربية، وبعدم اعتراف المملكة المتحدة بضم الأراضي بأي تغييرات تطرأ على حدود سنة 9671، باستثناء تلك المتفق عليها بين الطرفين.

The Rt Hon Boris Johnson MP

لقد كانت أول تجربة فعلية لي في إسرائيل عندما كان عمري 18 عاماً، وقضيت عدة أسابيع في العمل في المطابخ في كيبوتس كفار هَنَسي. وتحمّل رفاقي في الكيبوتس يومذاك، وربما على مضض، ما أعددته لهم من طعام. ومن خلال تلك الزيارة تعمقت صلتي بدولة إسرائيل.

ثم توالت زياراتي في السنوات الأخيرة لتترك في نفسي انطباعا عميقا – سواء كان ذلك نابعاً من رهبة وجلال متحف الكارثة والبطولة (ياد فاشيم) وهو النصب التذكاري الشاهد على جريمة فريدة في نوعها في تاريخ العالم؛ أو من التجمع الاستثنائي الهائل الذي ضم قادة العالم في جنازة صديق قديم هو شمعون بيرس؛ أو ركوب الدراجة في شارع روثتشايلد مع عمدة تل أبيب، مفتوناً يومها بنشاط وحركة وايت سيتي.

إنني نصيرٌ بكل جوارحي لدولة إسرائيل. وقد لا تكون هناك قضايا أقرب إلى قلبي من ضمان حماية شعبها من خطر الإرهاب والتحريض المعادي للسامية. ولطالما وقفت المملكة المتحدة إلى جانب إسرائيل وحقها في العيش بسلام وأمن مثلها مثل أي دولة أخرى. والتزامنا بأمن إسرائيل لن يتزعزع طالما بقيت رئيساً لوزراء المملكة المتحدة.

لذلك، فقد تابعتُ بالكثير من الأسى مقترحات ضم أراضٍ فلسطينية. وإنني كصديق طوال عمري لإسرائيل، ومعجبٍ بها ومؤيدٍ لها، فإنني أخشى أن تعجز هذه المقترحات عن تحقيق هدفها المتمثل في تأمين حدود إسرائيل، بل إنها ستتعارض مع مصالح إسرائيل على الأجل الطويل.

إن الضم سيعرّض للخطر التقدم الذي أحرزته إسرائيل في تحسين علاقاتها مع العالم العربي والإسلامي. ولم أكن يوما أكثر قناعة من الآن بأن مصالح إسرائيل تتقاطع اليوم مع مصالح أقرب شركائنا في العالم العربي، بما في ذلك التعاون الأمني المحتمل ضد التهديدات المشتركة.

ولكن بغض النظر عن مدى قوة اهتمامهم بنوع مختلف من العلاقات مع إسرائيل، فإن خطوة ضم الأراضي الفلسطينية ستؤدي حتماً إلى انتكاس هذه الفرص، وتفرض قيوداً على الشركاء العرب المحتملين. وسيغتنم أعداء إسرائيل هذه الفرصة ويستخدمونها ضد دول الشرق الأوسط التي تريد أن ترى إحراز تقدم.

إنني أودّ رؤية مخرجات تحقق العدالة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وغالباً ما وقفت المملكة المتحدة مع الأقلية البسيطة في الأمم المتحدة في الدفاع عن إسرائيل ضد الانتقادات غير المبررة والمضخّمة بشكل زائدٍ عن الحد.

يشكل الضم انتهاكا للقانون الدولي. كما أنه سيكون بمثابة هدية يستغلها من يريدون تكريس القصص القديمة حول إسرائيل.

وكلي أمل ألا تمضي إسرائيل في قرار الضم. وإذا ما حصل ذلك، فإن المملكة المتحدة لن تعترف بأي تغييرات تطرأ على حدود سنة 9671، باستثناء تلك المتفق عليها بين الطرفين.

وهناك مسألة أخرى. فأنا، كالعديد من الإسرائيليين، أشعر بالإحباط لأن محادثات السلام آلت إلى فشل. وبينما أتفهم الإحباط الذي يشعر به كلا الجانبين، فلا بدّ لنا الآن من انتهاز قوة هذه اللحظة للعودة من جديد إلى الطاولة، والسعي الحثيث للتوصل إلى حل. وسيتطلب هذا الأمر تنازلات من جميع الجهات.

إنني لا أقلل هنا من شأن التحديات في تحقيق السلام الدائم. فقد بُذِل الكثير من الجهود من قبل، ودفع الكثيرون الثمن باهظا حيث فقدوا حياتهم، بمن فيهم بالطبع إسحاق رابين.

ولكنني ما زلت أعتقد أن السبيل الوحيد لتحقيق أمن حقيقي ودائم لإسرائيل، وطن الشعب اليهودي، يمرّ من خلال حل يحقق العدل والأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وأرفض أن أصدق أن هذا مستحيل.

إنني أرحب بالالتزام الذي قطعه الرئيس ترامب على نفسه لإيجاد سبيل لتحقيق تقدم. وسوف نعمل بلا كلل مع الولايات المتحدة - والشركاء الآخرين في العالم العربي وأوروبا - لمحاولة تحويل الأمل في السلام إلى حقيقة.

أنا فخور أيّما فخر بمساهمة المملكة المتحدة في ولادة إسرائيل من خلال إعلان بلفور في 1917. لكن العملية لن تكتمل إلى حين التوصل إلى حل يوفر العدالة والسلام الدائم لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.

إن الطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات. لا بد وأن يكون هذا هدفنا. أما ضم الأراضي فسوف يبعدنا عن الهدف المنشود.

تاريخ النشر 1 July 2020