خطاب

لا تزال هناك حاجة ماسة لحل سياسي جامع في ليبيا

مداخلة السفير جوناثان آلين، القائم بالأعمال البريطاني لدى الأمم المتحدة، أثناء جلسة إيجاز لمجلس الأمن حول الوضع في ليبيا.

lIBYA

أتقدم بالشكر لك يا ستيفاني، بصفتك الممثل الخاص بالإنابة للأمين العام للأمم المتحدة، على الإيجاز الذي قدمتيه، وآمل أن يكون بمقدورنا الاتفاق على خَلَف دائم لك في وقت ليس بالبعيد. كما أود أن أشكر من خلالك فريق عملك وكل أولئك الذين يعملون بجد في سعيهم لإنهاء الصراع في ليبيا وسط ظروف وسياقات ليست دائما واعدة بالأمل.

دعيني أبدأ بالقول إني أشاطرك القلق الذي عبرتي عنه بشأن التصعيد الكبير بالقتال في ليبيا. وأعتقد أنك قدمتي صورة عن الارتفاع غير المسبوق بوتيرة إطلاق النيران المباشرة في المناطق المدنية، وهو أمر يثير أشد القلق. إن تكلفة القتال من الضحايا من المدنيين والدمار الذي يلحق بالبنية التحتية المدنية ليست مقبولة على الإطلاق. كما أن الهجمات على المناطق المدنية، وخاصة على منشآت الرعاية الصحية، تعكس ازدراء تاما للقانون الدولي ولا بد لها أن تتوقف. وفيما تتضافر الجهود بين الدول في مختلف أرجاء العالم لمواجهة الخطر المشترك المتمثل بجائحة كوفيد-19، فإن استهداف منشآت الرعاية الصحية ضمن البنية التحتية التي تتعرض للهجمات عمل منافٍ للوجدان. وأرغب أيضا أن أشدد على قلقنا المستمر بشأن تدهور حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في ليبيا. ومرة أخرى، لقد سلطت ستيفاني الضوء على أن مليون شخص يحتاجون الآن لمساعدة إنسانية. وقد أوضح الأمين العام في تقريره أن الوضع هناك، بما في ذلك مقتل وإصابة وتهجير أعداد كبيرة من المدنيين، ليس مقبولا. وأن المدنيين، بمن فيهم المهاجرين واللاجئين، لا يزالون عرضة للخطر. كما قد يشكل القطع المتعمد للكهرباء وإمدادات الوقود والماء والطعام انتهاكا للقانون الدولي الإنساني.

نظل أيضا قلقين بوجه خاص من الأنباء المتزايدة عن استمرار أطراف خارجية في تقديم المواد والتجهيزات القتالية والمُرتزقة. يتعين على كافة الدول الأعضاء الامتثال لواجباتها الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي. ونشير في هذا السياق إلى الأنباء المتزايدة عن نشاطات جماعة واغنر في ليبيا، حيث تستمر تلك الجماعة في تأجيج الصراع وإطالة أمد معاناة الشعب الليبي. وأريد هنا أن أحث كافة أعضاء مجلس الأمن على الالتزام بقرارات هذا المجلس التي صوتوا عليها بأنفسهم.

كما ندين الحصار المفروض على المنشآت النفطية، والذي يضر بالشعب الليبي نفسه، والذي قد أدى لخسارة ما يفوق أربعة مليارات دولار لحد الآن. كذلك فإن جهود استيراد وقود الطائرات إلى ليبيا بشكل غير قانوني تعتبر غير مقبولة، وعلى كافة الأطراف احترام سلامة ووحدة المؤسسة الوطنية للنفط.

لن يتحقق النصر من خلال العمل عسكري، خصوصا وأن الفاعلين الأجانب المتورطين في الصراع لن يسمحوا بذلك. لذا، فإن حلا سياسيا جامعا، وفق ما نص عليه مؤتمر برلين، من شأنه أن يكون أفضل أمل لتحقيق الاستقرار والازدهار مستقبلا، وهو ما يحتاجه الشعب الليبي ويستحقه. ونحن ندعو الجيش الوطني الليبي لأن يتبنى وثيقة وقف إطلاق النار التي صاغتها الأمم المتحدة بتاريخ 23 فبراير، مثلما فعلت حكومة الوفاق الوطني مؤخرا. وتُعيد المملكة المتحدة التأكيد على دعمها للمؤسسات الليبية الشرعية المعترف بها دوليا المتفق عليها في الاتفاق السياسي الليبي عام 2015 (اتفاق الصخيرات) والذي اعترف به هذا المجلس.

وإن لدى المملكة المتحدة اعتقاد راسخ أنه إذا كانت الأطراف المتحاربة والجهات الداعمة لها تحرص على مصالح الشعب الليبي، فإنها ستتوقف عن الاقتتال، وتوقف الهجمات على المدنيين، وتوقف أيضا المبادرات الخاصة أو أحادية الطرف، وتنضوي، عوضا عن ذلك، تحت جناح الأمم المتحدة والحل السياسي الجامع. ولعل ذلك هو الأمل الوحيد، وهو ما يحتاجه الشعب الليبي ويستحقه بعد هذه السنوات من الصراع.

اسمحي لي، يا ستيفاني، أن أطرح سؤالا هنا إن أمكن. أتساءل إن كان قد طرأ أي تغيير في المزاج العام وفي الدعم الجماهيري أو في المواقف العامة تجاه الصراع منذ انتشار جائحة كوفيد-19، وإن كانت توجد أية دلائل تشير إلى تأثر حسابات أي من أطراف الصراع بسبب النظرة العامة السائدة.

تاريخ النشر 19 May 2020