خطاب

بعد سنتين من إراقة الدماء، أعتقد أن العالم متّحد في كونه يريد لهذه الحرب الفظيعة أن تنتهي: كلمة المملكة المتحدة في مجلس الأمن

كلمة وزيرة الخارجية، إيفيت كوبر، في اجتماع مجلس الأمن بشأن الأزمة الإنسانية في غزة.

يوم أمس، إلى جانب وزراء آخرين متواجدين هنا في نيويورك هذا الأسبوع، استضفتُ جلسة للاستماع من أطباء عادوا مؤخرا من غزة، والحكايات التي قالوها سوف تبقى في ذاكرتي للأبد.

واحدة من الأطباء تحدثت عن صرخات أطفال صغار. وصرخة طفل صغير كانت تجري عملية له بلا تخدير كامل، وكيف كان أملها وصلاتها بأنه لن يشعر بالألم.

وتحدثت طبيبة أخرى عن نساء حوامل يعانين من سوء تغذية شديد، وأثر ذلك على أطفالهن.

كما تحدثوا عن أطباء وممرضات قُتل أفراد عائلاتهم، لكنهم مع ذلك حضروا للعمل في المستشفيات في ظروف لا يمكن تخيلها لمساعدة الآخرين.

وتحدثوا عن كيف أن الأساسيات البسيطة في الطب الحديث، كالمضادات الحيوية والمخدر، أشياء نعتبرها نحن حول طاولة هذا المجلس أمرا مفروغا منه بالنسبة لنا ولأحبائنا، غير متوفرة. ممنوعة ومحظورة.

ونحن نقول الكلمتين ’أزمة إنسانية‘، لكن هذا ما تعنيه: ألم وصرخات طفل صغير لا يمكنه الحصول على الرعاية الصحية الأساسية التي يحتاج إليها.

18 فقط من بين 36 مستشفى في غزة ما زالوا مفتوحين – وجميع هذه المستشفيات تواجه صعوبة في التشغيل بسبب نقص الوقود والأدوية والمعدات والطواقم الطبية.

كما قُتل ما يفوق 1,700 من العاملين بالرعاية الصحية في غزة، وهناك أكثر من 300 محتجزون. هذا ما يبدو عليه الانهيار الكارثي لنظام الرعاية الصحية في غزة.

وبينما نحن مجتمعون هنا، تواصل القوات الإسرائيلية تصعيد الحرب في مدينة غزة، تقصف مزيدا من البيوت لتحيلها إلى أنقاض، وتسبب في بعثرة عائلات بسبب الخوف.

هذا لا يُعقل. إنه لا إنساني. إنه غير مبرر. ويجب أن ينتهي.

كل ما ستؤدي إليه هذه الأفعال من الحكومة الإسرائيلية هو جعل الوضع الإنساني الكارثي أكثر سوءا.

مزيد من الرعاية الصحية في أزمة.

صعوبة أكثر من أي وقت مضى في إيصال المساعدات لمن هم في حاجة إليها.

مزيد من الأطفال الأبرياء يعانون بسبب مجاعة من صنع الإنسان.

مزيد من المدنيين يُقتلون.

لكنها تجعل إخراج باقي الرهائن أكثر صعوبة.

الرهائن الذين ما زالوا محتجزين، الذين احتجزتهم حماس في الهجوم الإرهابي الهمجي في 7 أكتوبر وما زالوا محتجزين في ظروف رهيبة، يطيلون قلق عائلاتهم، وإنني أكرر إدانتنا لحماس ولذلك الإرهاب الهمجي في 7 أكتوبر.

كما التقيت ببعض أهالي الرهائن الذين لهم روابط مع المملكة المتحدة مرة أخرى في الأسبوع الماضي. ما يطلبونه منا جميعا هو إبقاء الرهائن في محور اهتمامنا، وبذل كل ما في وسعنا لإعطاء أحبائهم الفرصة للعودة إلى ديارهم، ولتحقيق وقف إطلاق نار يتيح لهم الفرصة للعودة.

وتلك يجب أن تكون مهمتنا.

نعلم ما يجب فعله. نحتاج إلى وقف إطلاق نار الآن. ونحتاج للإفراج عن كل الرهائن. ونحتاج إلى استئناف فوري للمساعدات ودعم للرعاية الطبية. كما نحتاج إلى إطار أوسع لأجل سلام دائم.

وأنا أرحب بجهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر، وأساندها، سعيا لإنهاء الحرب وسعيا للسلام.

كذلك نعلم بأن لا يمكننا النظر إلى غزة في معزل عن الضفة الغربية. فالحكومة الإسرائيلية تضيق خناقها على الاقتصاد الفلسطيني، وهي مستمرة في الموافقة على بناء مستوطنات غير قانونية، بما في ذلك مؤخرا في المنطقة E1 من القدس الشرقية، التي تعتبر ضربة أخرى لإمكانية تطبيق حل الدولتين، ونحن نهيب بإسرائيل التراجع عن هذه الخطط.

بعد سنتين من إراقة الدماء، أعتقد بأن العالم متّحد في كونه يريد لهذه الحرب الفظيعة أن تنتهي.

متّحد في كونه يريد الإفراج عن كل الرهائن.

متّحد في رفضه لأي دور لحماس في مستقبل غزة أو مستقبل الدولة الفلسطينية.

متّحد في كونه يريد إسرائيل أن ترفع حظر دخول المساعدات وتنهي الكارثة الإنسانية.

ومتّحد في كونه يريد مستقبلا أفضل وأكثر سلمية للمنطقة، وإعادة إعمار غزة، والكرامة لأهلها، وحقبة جديدة من العلاقات لدعم أمنهم المشترك.

ذلك المستقبل يجب أن يستند إلى حل الدولتين.

واعتراف المملكة المتحدة التاريخي بدولة فلسطين هذا الأسبوع هو جزء من التزامنا بالسلام.

وجزء من العمل لحماية إمكانية تطبيق حل الدولتين باعتباره المسار الوحيد نحو سلام عادل ودائم، ونحو ضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

وجزء من رفض الأفكار المتطرفة من جميع الأطراف، التي عادة ما تنطوي على تخيلات بشأن دمار دولة إسرائيل أو طرد السكان الفلسطينيين، ونحن نرفض كليهما.

وجزء من جهودنا الأوسع مع الشركاء بشأن سلام للمدى الطويل، ليس فقط لوقف الأزمة الحالية، بل أيضا للمضي قدما في خطة براغماتية لما سيأتي تاليا.

لا يمكن تحقيق أي من ذلك دون وقف إطلاق نار فوري، وهنا كل هذا يجب أن يبدأ.

أحد الأطباء وصف يوم أمس أثر نشوء الأطفال في حالة من الصدمات النفسية والدمار. وتلك ستكون العواقب التي ستطال أجيالا قادمة إن لم نفعل شيئا الآن.

هذا واجبنا تجاه جميع هؤلاء الأطفال الذين ينشأون في غزة، في أنحاء فلسطين، في أنحاء إسرائيل.

هذا واجبنا تجاههم جميعا لبناء مستقبل أفضل.

وقت السلام حان الآن.

Updates to this page

تاريخ النشر 23 سبتمبر 2025