قصة إخبارية عالمية

الشراكة بين بريطانيا ومصر: فرص جديدة، وتقديم حلولٍ للمشكلات، والاستثمار في الإصلاح

الشراكة بين بريطانيا ومصر: فرص جديدة، وتقديم حلولٍ للمشكلات، والاستثمار في الإصلاح

MP Jeffrey Donaldson

ما البلد الذي يتربع على قمة المستثمرين في مصر؟ ربما الصين، بعد أن كشف الرئيس شي جين بينغ مؤخرًا استثمارات بمليارات الدولارات في مصر؟ ربما تكون روسيا، مع مشاركتها في المحطة النووية الجديدة بالضبعة؟ أو لعلها المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة مع محافظهم الاستثمارية متنوعة المصالح هنا في مصر؟

إجابات جيدة، ولكنها خاطئة: فالإجابة الصحيحة هي بريطانيا.

مفاجأة؟ تفحص آخر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي المصري، فقد استحوذت الشركات البريطانية على ما تعادل قيمته 5.4 مليار دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السنة المالية 2014-2015، ويمثل هذا أكثر من 40٪ من الإجمالي. حسنًا، ليس ذلك فحسب، فقد استثمرت بريطانيا في مصر العام الماضي أكثر من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والصين وجميع الدول العربية مجتمعة.

على مدى السنوات الخمس الماضية، بلغ إجمالي الاستثمارات البريطانية أكثر من 25 مليار دولار، وتؤكد بداية هذا العام بأننا ما زلنا على المسار الصحيح لنفس القصة.

كمبعوث تجاري عينه حديثًا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مصر، فأنا فخور بهذه الأرقام لأنها دليل على صدق التزام بريطانيا تجاه مصر. تلتزم الشركات البريطانية بمصر لأنهم يرون في هذا البلد أرضًا تزخر بالفرص الواعدة الحقيقية.

تواصل كلٌ من شركة بريتيش بتروليوم ومجموعة بي.جي الاستثمار بمليارات الدولارات في قطاع الطاقة بمصر، فقد كان استثمار بريتيش بتروليوم في مشروع غرب دلتا النيل العام الماضي، والبالغة قيمته 12 مليار دولار، أكبر صفقة استثمارية على الإطلاق في تاريخ مصر، ومن المتوقع أن يوفر المشروع ما يصل إلى 25٪ من إنتاج الغاز الحالي في مصر.

وقعت أكتيس، وهي شركة استثماراتٍ خاصة، مؤخرًا مذكرة تفاهم بقيمة 350 مليون دولارٍ لبناء محطةٍ لطاقة الرياح بقدرة 250 ميجاوات في منطقة خليج السويس.

توظف فودافون 9000 مصري في جميع أنحاء البلاد، ويوظف المصرفان البريطانيان إتش إس بي سي وباركليز 5000 موظفٍ مصري آخرين.

ويبدو ذلك ممتازًا بالنسبة للوقت الحاضر، ولكن ماذا عن المستقبل؟ عينني رئيس الوزراء مبعوثًا تجاريًا إلى مصر لأن لدينا رؤية طموحة للارتقاء بشراكتنا إلى المستوى التالي، وتتمحور تلك الشراكة حول البحث عن فرص جديدة، والعمل معًا لحل المشاكل، ودعم مصر للقيام بإصلاحات جريئة.

عندما يتعلق الأمر بالفرص الجديدة، فسوف ينصب تركيزي خلال زيارتي لمصر هذا الأسبوع على ثلاثة قطاعات تمتلك بريطانيا فيها خبرة لا تُضاهى. تلك القطاعات هي: سلسلة التوريد في قطاع الطاقة، والبنية التحتية، والتعليم. فقد طورت شركات الطاقة البريطانية عقودًا من الخبرة العملية في بحر الشمال، ويدير المستشارون البريطانيون وشركات البناء البريطانية ببراعة مشاريع بنية تحتية هائلة ومبتكرة في جميع أنحاء العالم، وتُكسب مؤسسات التعليم والتدريب البريطانية دولتنا سمعة باتت تُعرف بفضلها “أمة التعليم”. عند الجمع بين هذه الخبرة البريطانية وثروة مصر العظيمة من المواهب البشرية، فإن الشراكات الجديدة في تلك القطاعات الثلاثة تبشر بإمكانيات كبيرة لتحويل الاقتصاد المصري وتغيير حياة الكثير من المصريين معه.

وفيما يتعلق بحل المشاكل، فنحن نعلم جميعًا بأن حادث رحلة متروجت 9268 المأساوي في أكتوبر الماضي قد ألحق الضرر بصناعة السياحة في مصر، حيث علقت العديد من البلدان، بما في ذلك بريطانيا، رحلاتها الجوية إلى شرم الشيخ، وحتى أن دولاً أخرى علقت رحلاتها في جميع أنحاء مصر. في بريطانيا، تأتي سلامة الرعايا البريطانيين دائمًا في المقام الأول، ولكن هذا لم يكن قرارًا استخفت به حكومتنا، إذ أننا نُدرك أهمية صناعة السياحة المصرية، ونعلم أن السياح البريطانيين يحبون شرم الشيخ. لذلك، ومنذ الحادث، انكب المسؤولون الأمنيون البريطانيون والمصريون على العمل دون كلل أو ملل من أجل تحسين الأمن في مطار شرم الشيخ وإيجاد حل يتيح للسياح البريطانيين العودة إلى هناك. شراكتنا هي التي تجعل هذا ممكنًا، وسنواصل جميعًا العمل الجاد إلى أن نتمكن من استئناف الرحلات في أسرع وقت ممكن.

أما حين يتعلق الأمر بالإصلاح، فإن بريطانيا على أتم الاستعداد لدعم مصر بالأفكار والخبرة وتقديم المشورة، وهذا ما سأقوله للوزراء والبرلمانيين وكبار رجال الأعمال خلال زيارتي لمصر هذا الاسبوع، كما سأشجعهم على اتخاذ الخطوات الجريئة المطلوبة لإثبات أن مصر دولة حديثة واقتصاد تنافسي مفتوح ومتعطش للأعمال التجارية. ما هذه الخطوات؟ منح الشركات والمستثمرين الثقة في سعر الصرف وتوافر العملات الأجنبية، وتخفيف الرقابة على الواردات، وتبسيط الأنظمة، وتقليص البيروقراطية، وإصلاح نظام التعليم. لا أحد يزعم بأن هذه مهام سهلةٌ، بيد أن هذه هي الإصلاحات التي يمكن أن تطلق العنان لإمكانات مصر.

جميعنا في الأساس لديه مصلحة في مساعدة مصر على تحقيق النجاح ومساعدة اقتصادها على الازدهار، وبعد خمسة أعوام على ثورة 25 يناير، لا يزال هذا البلد محط اهتمام العالم اليوم - كما كان حاله في كثير من الأحيان طيلة تاريخه الممتد خمسة آلاف عام. نحن جميعًا نريد أن تُثبت مصر بأنه من الممكن - في هذه المنطقة التي تعصف بالاضطرابات - بناء مؤسسات فعالة ومسؤولة، وحماية الحقوق الفردية، والتصدي لسموم الفكر المتطرف، ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا تأسست البلاد على اقتصاد قوي وديناميكي يساهم في خلق وظائف وإيجاد فرص حقيقية للشعب المصري، لذلك سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الأعمال التجارية والاستثمارات والإصلاحات مجرد عروضٍ جانبية للمصرفيين ورجال الأعمال والاقتصاديين، بل إنها جوهرية لمستقبل هذا البلد وشعبه.

وكما أننا جميعًا لدينا مصالح في هذا البلد، فهناك بالمثل أدوارٌ علينا جميعًا لعبها، بدءًا من أصحاب المشاريع ورجال الأعمال المصريين الذين سوف يبدعون ويبتكرون ويزدهرون، مرورًا بخيرة العقول المصرية والخبراء وصناع القرار فيها، والذين سيتولون مهمة اتخاذ القرارات المصيرية، وصولاً إلى أصدقاء مصر - وبريطانيا على رأس تلك القائمة - والذين سيدعمون هذا البلد من خلال إيجاد فرص جديدة للشراكة، وحل المشاكل، وتشجيع الإصلاح.

تاريخ النشر 11 February 2016