خطاب

الأولوية لاحتياجات وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين

مداخلة السفير جوناثان ألين، القائم بالأعمال البريطاني لدى الأمم المتحدة، في إحاطة مجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط.

Ambassador Jonathan Allen at UNSC briefing on the Middle East peace process

أود أن أستهلّ بالحديث عن الوفاة المأساوية لصائب عريقات. وأردد هنا ما قاله رئيس وزرائنا ووزير خارجيتنا في تقديم التعازي لأسرة الفقيد صائب عريقات وللرئيس عباس وللشعب الفلسطيني. فلقد كرّس د. عريقات حياته للحوار ولحقوق الفلسطينيين والنهوض بقضية السلام. وما من شك في أننا سوف نفتقده.

وإذ نضع إرث د. عريقات في الاعتبار، فلا بدّ لنا من أن نجدد التزامنا بالعمل من خلال الحوار، وبناء الثقة والتعاون، وتجنب الخطوات أحادية الطرف والتحريضية التي تقوض قضية السلام.

وكما سبق وأوضحنا مراراً وتكراراً في هذا المجلس، فإن المملكة المتحدة تعارض قرار ضم الأراضي، وقد رحبت بتعليق تنفيذه. كما إن الإجراءات الأخرى أحادية الطرف التي تهدد القدرة المادية للدولة الفلسطينية المستقبلية هي الأخرى إجراءات غير مقبولة. وتدين المملكة المتحدة إقدام حكومة إسرائيل على نشر عطاءات للبناء في مستوطنة جفعات هاماتوس في القدس الشرقية، وهي منطقة حساسة للغاية في الضفة الغربية. المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتظل عقبة في طريق السلام وتهديداً لحل الدولتين.

كما تعرب المملكة المتحدة عن قلقها البالغ من قيام السلطات الإسرائيلية بهدم حمصة البقيعة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني. فقد أسفر هذا العمل عن تهجير فلسطينيين مستضعفين، بمن فيهم 41 طفلاً، وتسبب في معاناة لا داعي لها. وقد شهد عام 2020 أعلى مستويات هدم للمنازل والمباني الفلسطينية منذ عام 2016. تدعو المملكة المتحدة حكومة إسرائيل إلى وقف هذه السياسة، وتزويد الفلسطينيين بمسار واضح وشفاف للبناء في المنطقة ج من الضفة الغربية. إن عمليات الهدم تعتبر في جميع الظروف، باستثناء ظروف استثنائية للغاية، انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.

وتظل المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء الأوضاع في قطاع غزة، ولا سيما في هذا الوقت الذي تنتشر فيه الجائحة العالمية. إننا نواصل حث الأطراف على إعطاء الأولوية لإحراز تقدم نحو التوصل إلى حل مستدام لقطاع غزة، واتخاذ الخطوات العملية اللازمة لضمان إعادة إعمار القطاع وتحقيق التعافي الاقتصادي فيه. إننا نشجع الجهات الفاعلة على تقديم مقترحات مستدامة وطويلة الأجل لإيجاد حل للتهديد الذي تشكله حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وغيرهما من المقاتلين في غزة على أمن إسرائيل. وندعو حماس والجماعات الإرهابية الأخرى إلى التوقف نهائياً عن التحريض وإطلاق الصواريخ على إسرائيل.

ونشير هنا إلى النداء العاجل للمفوض العام لتقديم تمويل إضافي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر، والذي بدونه ستغلق المدارس اعتباراً من بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول. وندعو بشكل خاص الدول التي خفضت تمويلها بشكل كبير في السنوات الأخيرة إلى دعم الأونروا الآن. وأودّ أن أشير هنا إلى أن المملكة المتحدة قدمت هذا العام أكثر من 65 مليون دولار، دأباً على ما جرى في السنوات السابقة أيضاً. إننا نتفق مع أولئك الذين يقولون بأن على الأونروا أن تفعل المزيد للوصول إلى ركيزة مالية آمنة ومستدامة؛ ولكن لا يمكن تحقيق ذلك بحلول الأول من شهر ديسمبر، ولا بدّ من توفر المال بحلول ذلك الوقت لتجنب معاناة إضافية لا داعي لها للاجئين.

لقد شهدنا هذا الأسبوع أول زيارة وزارية تاريخية لمملكة البحرين إلى إسرائيل. تُظهر اتفاقيات التطبيع أن بإمكان العالم العربي وإسرائيل اتباع مسار إيجابي، بمنآى عن العداء، لتكون منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً.

ومع أخذ الحوار في الحسبان، فإن حكومتي ترحب بالتالي بالأنباء التي تفيد بأن السلطة الفلسطينية وحكومة إسرائيل ستعودان إلى التعاون وتلتزمان بالاتفاقات الموقعة. فالتعاون الكامل في مُجمل الأمور المالية والأمنية والصحية سيعطي الأولوية لاحتياجات وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين. ويشكل هذا الأمر مثالاً على ما طالبنا به من الحوار والتنازلات، والتي ستكون لازمةً لإحراز تقدم ذي مغزى نحو حل الدولتين. يتعين على كلا الطرفين الآن اغتنام هذا الزخم الإيجابي، وإظهار الالتزام باتفاقاتهما الثنائية من خلال ممارساتهما على الأرض.

في مثل هذا الشهر قبل 73 عاماً، قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين. وعلى مدى السنين، وعبر مسيرة مؤلمة خطوةً وراء خطوة، تم إحراز تقدم نحو تقسيم متفق عليه - ألا وهو حل الدولتين. وبينما تخطو المنطقة خطوات واسعة نحو الحوار، فإن الوقت قد حان أيضاً لتتوقف أطراف النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني عن هدم السلام، والبدء في بنائه من جديد.

تاريخ النشر 18 November 2020